• 28 مارس، 2024

رئيس التحرير

ناجي وليم

سمات الشباب الطاهر .. بقلم الأنبا موسى

ليس من شك أن تيار الإثم العامل فى هذا الدهر يجعلك تئن كل يوم. طالبًا من يمين الرب المقتدرة خلاصًا وطهارة وعفافًا لنفسك ولكل الخليقة. وليس من شك أنك اختبرت – بنعمة الله تعالى – أوقاتًا كثيرة قضيتها فى فرح الرب ونوره وقداسته. وإن لم تكن قد اختبرت فأرجوك أن تسرع لتقرأ اختبارات القديسين فى هذا الأمر .

ولعلك لاحظت من خبرتك الخاصة ومن خبرات الآخرين أن الطهارة كنز ثمين، يشيع فى النفس والجسد والروح فرحًا وصفاءً. لنشتاق إلى الطهارة، ونسعى نحوها بالاجتهاد وبالنعمة. والشباب الطاهر نجد أنه على الدوام:

1- شباب ناجح:

– يقول الكتاب المقدس: وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلاً نَاجِحًا (تك 2:39). لا شك أن الشباب الطاهر يحتفظ بقواه الجسدية، مما ينمى قواه الذهنية، ويساعده على التركيز والتذكرة، وهما السلاحان الأساسيان للنجاح الدراسى والعملى.

– الشباب الطاهر لا تتشتت أفكاره ولا تتبعثر قواه، بل نجده دائمًا سليمًا صحيًا، ومتوقدًا ذهنيًا، ومتحمسًا لاتجاهات بناءّة ومقدسة، مما يسهم بالضرورة فى حفظ طهارته، وفى إنجاح شخصيته.

– الشباب الطاهر يضبط نفسه فى كل شىء: فى العمل، والأكل، والراحة، والنوم، والفراغ، والميول، وهو متزن غريزيًا وانفعاليًا..

2- شباب شجاع:

فإدمان الخطيئة يخلق فى النفس حالة من الجبن الداخلى والرعدة الباطنية من مواقف الحق والشهادة، ويقول سليمان الملك: اَلشِّرِّيرُ يَهْرُبُ وَلاَ طَارِدَ، أَمَّا الصِّدِّيقُونَ فَكَشِبْلٍ ثَبِيتٍ (أمثال 1:28).

لقد كان هِيرُودُسَ الملك يَهَابُ يُوحَنَّا عَالِمًا أَنَّهُ رَجُلٌ بَارٌّ وَقِدِّيسٌ (مرقس 20:6). وكان يوحنا المتنسك الأعزل يرفع صوت الحق فى وجه الملك الخاطئ، قائلاً: لاَ يَحِلُّ لَكَ.

– هناك شجاعة حمقاء مستهترة تهدف إلى ظلم الناس وتمجيد الذات، وهناك شجاعة حق تتخذ مواقف جبارة، وكلمات نارية، يسندها قلب محب ونفس حانية متضعة.
– الشباب الطاهر منطلق دائمًا، ولا يخشى شيئًا، لأنه لا يشتهى شيئًا، وكما قال القديس أغسطينوس: وقفت على قمة العالم يوم أحسست أننى لا أخاف شيئًا ولا أشتهى شيئًا. هو لا يتخاذل فى الحق، ولا يجبن أمام كلمة شهادة، ولا ينحنى للخطيئة، فى حياته السرية، ولا فى حياته العامة.

3- شباب حر:

– فلا شك أن الخطيئة تصم النفس بوصمة العبودية، كما قال الكتاب المقدس: كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ (يوحنا 34:8). أما النفس الطاهرة فقد مزقت قيودها. وتحررت من عاداتها ورباطاتها، وانطلقت من أسر العدو. لتسلك فى الطريق الصحيح، ونحو الأبدية بخطى ثابتة.

– الحرية الحقيقية أن يختار الإنسان بين أمرين، ولكن أن ينساق الإنسان وراء وطأة الإثم والفساد، فهذه هى عين العبودية!

4- شباب متسع للآخرين :

– الشباب الطاهر، انطلق من أسر ذاته، واتسع للآخرين. وواضح أن النجاسة هى التعبير المباشر والسريع عن حب الإنسان لنفسه، لهذا ربط القديسيون بين النجاسة والكبرياء.

– الشباب المنحرف ساخط على نفسه، ويسقط سخطه على الآخرين فى نفسية مريضة. أما الشباب العفيف فهو يسمع شهادة الآخرين عنه، فينسحق وينسب كل ما هو حلو فى حياته إلى الله تعالى، ويفتح قلبه للجميع رحبًا وبلا أنانية أو نفعية.
– الشاب الطاهر ينسى ذاته فى محبة الله الخالق ومحبة القريب، أما الشاب المنحرف فينسى الهنا العظيم وينسى القريب من أجل ذاته.

لعل من أنجح وسائل العفة، أن يخرج الشاب من انحصاره فى نفسه، وينطلق نحو الآخرين، يشاركهم آلامهم وأفراحهم، ويخدمهم فى حب واتضاع.

5- شباب فرحان:

– نفسية صافية، لا تعقيد فيها ولا التواء، لا حاجة به إلى الانطواء المريض. ولا إلى الانسكاب السلبى فى المجتمع. لا تعتريه الكآبة التى تعقب السقوط، بل حيثما قابلته يفيض عليك من أفراحه وسلامه، ومن هنا تستريح إلى لقياه.

– الشباب المنحرف يمزق نفسيته بالقلق، ويحطم إمكانياته بالرغبات المكبوتة، ويستعبد ذاته لأنماط خاطئة من التلذذ، تؤثر بالضرورة على حياته النفسية والروحية. أما الشباب الطاهر فإذ شعر بغفران الله، تمتلئ حياته بالفرح الثابت الرزين.

6- شباب محدد المعالم:
– واضح أن الشباب الذى تتجاذبه تيارات الخطيئة، تجده دائمًا مترددًا فى إصدار قراراته، واتخاذ الخطوة السليمة فى الموقف المعين، كما تجده ضعيفًا فى مواجهة تيارات الشر، وإيحاءات الخطيئة، فى المجتمع العام، والحياة الباطنية.

– الشاب الذى لم يحسم طريقه ويحدد معالم شخصيته نجده دائمًا ساخطًا على ذاته، شاعرًا بأنه أقل من غيره.

– أما الشاب العفيف فتجده محدد المعالم، يعرف طريقه، ويتخذ قرارات البعد عن الخطيئة واجتناب الإثم بسرعة برضا وارتياح. لذلك تجده ناجحًا اجتماعيًا، ومحبوبًا من الجميع.

7- شباب مثمر:

– النفس المنحرفة عقيمة وبلا ثمر، أما النفس الطاهرة فهى نفس منتجة فعالة، ذات تأثير واضح فى الآخرين. تثمر فى حياة الآخرين.
والآن يا أخى القارئ..

أدعوك إلى لحظات هادئة، فيها تفحص ذاتك، وتسلم حياتك لله، ثم تبدأ أن تجتهد فى طريق القداسة بلا تردد أو تراجع، أو يأس، بل بفرح ومثابرة وقوة، واثقًا أن السماء تراقب جهادك وتفرح به. وفى النهاية اسمع نصيحة العظيم أنطونيوس: أتعب نفسك فى القراءة، فهى تخلصك من النجاسة.

المقال السابق

مفاجآت في واقعة الرجل العاري بالشرقية : « جد وفاتح بيتين »

المقال التالي

الطبيب النفسى وفيزيتا الجنون ! .. بقلم: هاني لبيب

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *