• 19 أبريل، 2024

رئيس التحرير

ناجي وليم

الإدارة التفصيلية ! .. بقلم / دينا عبدالكريم

فى علم الإدارة تُصنف الإدارة التفصيلية أو الـ micromanagement كأحد أكبر مُعطِّلات الإنجاز، فهى فى الأصل سلوك إدارى سلبى يجعل صاحب الرؤية يتدخل فى التفاصيل الدقيقة للتنفيذ، ويعطل بذلك فرص الابتكار لدى مرؤوسيه!.

حتى تلك النقطة ونحن نتحدث عن المعايير العالمية، التى تفترض أن الجميع سيفهمون الرؤية، وأن الجميع سيعملون بإخلاص من أجل تحقيقها بأفضل صورة ممكنة. لكن الواقع الذى أناقشه معك الآن هو أن ذلك الافتراض للأسف غير حقيقى، وأن لدينا مشكلة حقيقية لدى أصحاب السلطة التنفيذية «المتوسطة» تؤدى غالبًا إلى تشويه الرؤية، التى هى فى الأصل جيدة ومقبولة عند الناس.

لدينا معضلة تنفيذية حقيقية لا بد لها من إدارة تفصيلية ومراقبة لطرق التنفيذ. قضية تعويض أصحاب المساكن التى خضعت لقانون المنفعة العامة بها الكثير من التفاصيل، التى تجعلنا نصرخ ونقول إن مشاكل التطبيق تكاد تكون كارثية، وإن أصحاب السلطة المتوسطة والتنفيذية فى المحليات يدمرون الرؤية التى أعلنها الرئيس مرارًا وأكد عليها والجميع ارتضى هذه الإجراءات الصعبة مادامت لمصلحة الوطن.

فأن يعلن الرئيس ويشدد على أن يكون هناك خياران أمام كل شخص يخضع محل سكنه لقانون المنفعة العامة، أولهما: سكن بديل «مناسب»، ومناسب هنا تعنى نفس المستوى أو أفضل مما كان عليه سكنه القديم، ثانيهما: تعويض مادى عادل للذى سيفضل تدبير مسكن بديل لنفسه فى غير المناطق التى توفرها الدولة، فهذان الاختياران كانا بمثابة العقد الذى ارتضى من خلاله الناس تغييرات كبيرة فى حياتهم تشكل السكن والمدرسة والعمل وتفاصيل كثيرة أخرى تنازلوا عنها راضين حبًا حقيقيًا فى التنمية.

لكن أن يحول مسؤولو المحليات تلك الاشتراطات إلى منّة أو منحة منهم، ويطبقوها بحسب الهوى، أو يقولوا للناس: لا يوجد سكن بديل، أو يحددوا مبالغ غير عادلة للتعويضات، وكأنهم يقدمون من مالهم الخاص!، فهذه المسألة حاليًا هى وقود لحالة من الضيق والإحباط لدى عدد كبير ممن خضعت مساكنهم لقانون المنفعة العامة. وحتى إن أخذنا فى الاعتبار أن بعض الدخلاء والطامعين، الذين يفسدون كل خدمة مقدمة، هم أحد المعطلات. إلا أن المعطل الحقيقى لكى يتم التطوير كما تريده مصر وكما أعلن عنه رئيسها هو طريقة التنفيذ، التى تتجاهل البُعد الاجتماعى والإنسانى بقسوة غير مسبوقة وغير مفهومة، بل غير مقبولة.

نحتاج إلى تطبيق الإدارة التفصيلية هنا وبشدة، إلى مراقبة التطبيق وجودته وسرعته، بل طريقته!.

الإدارة التفصيلية قد تجعلنا «أبطأ» قليلًا فى التنفيذ، لكنها ستحقق الأهداف الحقيقية للتطوير. ستحقق الرقابة على وهم السلطة، الذى يصيب التنفيذيين وعلى قسوة التعامل مع البشر وكأنهم مجرد رقم!.

فنحن هنا نتحدث عن بيوت وأسر وسلام اجتماعى لمصريين نريد لهم الحياة الكريمة التى نؤمن بها جميعًا، والتى لن نقبل أن يفسدها شخص أو مجموعة أشخاص أو نظام تنفيذى وإدارى يمكن إصلاحه!.

هذه صرختى للمتابعة، وسأظل أتابعها على كل المستويات.

 

المقال السابق

برنارد لويس.. لماذا سنة ٦٩ ؟ .. بقلم / حلمي النمنم

المقال التالي

الأسرة والمال .. بقلم / الأنبا موسى

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *