• 19 أبريل، 2024

رئيس التحرير

ناجي وليم

القس رفعت فكري يكتب : حريق الجونة وتحويل الأزمة إلى فرصة !!

قبيل الإعلان عن انطلاق حفل افتتاح الدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائى، شب حريق هائل، الأربعاء الماضى، فى مركز المؤتمرات بمدينة الجونة، مما أسفر عن حالات اختناق بين المتواجدين بمحيط الحادث، وبعض التلفيات جراء حريق مسرح البلازا.

توجهت قوات الحماية المدنية لمكان الحريق، وتم الدفع بسيارات الإطفاء والإسعاف، وتمكن رجال الإطفاء من إخماد الحريق قبل موعد المؤتمر الصحفى يوم الخميس. ووجهت إدارة مهرجان الجونة الشكر للأجهزة المعنية التى سيطرت على الحريق وأعلنت أن المهرجان سيعقد فى موعده.

وكان من اللافت للنظر أن صفحات التواصل الاجتماعى امتلأت بتعليقات عدد لا بأس به من المتعصبين الأصوليين الشامتين الشتّامين أعداء الفن والحياة الذين لا همَّ لهم سوى الانشغال بملابس النساء وإعلان عدائهم الواضح تجاه ارتداء الفساتين، آملين أن يتم إلغاء المهرجان، ظنًا منهم أن هذا الحريق حدث بمباركة السماء رفضًا لما يعتبرونه فجورًا، بحسب فكرهم الضيق.. ومما يؤسف له كان من بين هؤلاء الكارهين للفن وللفساتين معلمون ومربون ومديرو مدارس، الأمر الذى يؤكد أن هناك متطرفين ومتعصبين داخل المنظومة التعليمية فى مصر.

ولكن كان من الرائع أن القائمين على المهرجان لم يلتفتوا لتعليقات الشامتين الشتامين، ولكنهم استمروا فى معالجة آثار الحريق.. وخلال ساعات عادت القاعة إلى ما كانت عليه من جمال قبل الحريق. وما حدث من إدارة مهرجان الجونة، ذكّرنى بما حدث مع توماس إديسون، الذى جعل من الفشل عنوانًا للمجد، فعندما سأله صحفى: ماذا كان شعوره عندما فشل ٢٥٠٠٠ مرة فى محاولته لصنع البطارية؟، أجاب: لماذا تسميه فشلًا؟ اليوم، أعرف ٢٥٠٠٠ طريقة لأتوصل لصنع بطارية.. فماذا تعرف أنت؟!!.

وفى عام ١٩١٤، شب حريق فى البناء الذى يتواجد فيه مختبر توماس إديسون، ودمر هذا الحريق المختبر بالكامل، وتجاوزت الخسائر الـ ٢ مليون دولار، هذا فضلًا عن ضياع تعب السنوات الماضية، فمعظم حياة إديسون العملية تطايرت كالشرارات فى تلك الليلة.

جلس أديسون ينظر إلى المختبر والنيران تشتعل بداخله، يراقب ويكلم بقايا الذكريات.. شعور غريب ينتابه وهو يرى مشهدًا مرعبً، لحصيلة ابتكارات أبدعها عقله. وفى خضم الكارثة والنيران تشتعل، جاء تشارلز، ابن إديسون ذو الـ ٢٤ عاما، ووجد والده يجلس فى هدوء وهو يراقب النيران ووجهه يشع وشعره الأبيض يتطاير مع نسمات الهواء. قال تشارلز: «قلبى ينفطر على والدى، لقد أصبح عمره ٦٧ عاما، لم يعد شابا، وكل شيء ذهب مع الحريق»، وعندما رآنى والدى، صاح بأعلى صوته: أين والدتك؟. قلت له: لا أعرف، رد قائلًا: «عليك أن تجدها وتحضرها هنا لترى شيئا لن يتكرر ولن تستطيع أن تراه ثانية فى حياتها».

وفى صباح اليوم التالى، نظر إديسون إلى الأطلال حوله وقال: «هناك قيمة عظيمة فى هذه الكارثة، لقد خلصنا هذا الحريق من كل أخطائنا السابقة.. وشكرًا لله أننا نستطيع الآن أن نبدأ من جديد!».

واستطاع إديسون بعد ٣ أسابيع من الحريق الذى كاد يبدد آماله أن يخترع أول فونوغراف (مشغل أسطوانات).

ورد فعل أديسون الهادئ تجاه الحريق هو رسالة قوية وجهها للعالم، مفادها أن الكوارث ليست نهاية الأشياء، وإنما هى خطوة أولى نحو الأفضل، ومن الجيد أن نتذكر أن الفشل ليس نهاية المطاف، ولكنه النهاية فقط عندما نتوقف عن المحاولة.. الفشل هو فرصة لتصحيح الأخطاء والبداية من جديد، فالحكيم حقا هو من لا يلتفت للحاقدين ولا ينظر للحاسدين وهو من يتجاهل تعليقات الشامتين والشتامين.

العظيم حقًا هو من ينسى ما هو وراء ويمتد إلى ما هو قدام، ومن ثم يستطيع أن يحوّل الأزمة إلى فرصة!!.

 

المقال السابق

الأب رفيق جريش يكتب : بناء الرحمة

المقال التالي

عمار علي حسن يكتب : « التعليم أولًا » .. شعار وخطة عاجلة وآجلة

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *