• 29 مارس، 2024

رئيس التحرير

ناجي وليم

لسه بدرى يا ياسر ؟! .. بقلم / حمدي رزق

قبل أسبوعين، هاتفنى مرتين ورا بعض، اتخضيت، ليست من عادته، يكتفى بواحدة، اتصلت به قلقًا، فكان مستبشرًا كعادته، فرحًا يشقشق كالعصفور، سعيد جدًا، وكأنه أدى الرسالة، رسالته الأخيرة فى الحياة الفانية.

قال : حبيبى بعت لك كتابى الجديد ، سنوات الخماسين، أنت شاهد عليه، وعاصرت فصوله، مستنى رأيك؟

باركت له محبًا وشكرته، وسألته عن صحته فقال: الحمد لله، أنا كويس، خلى بالك من نفسك، ولم يطل الحديث بيننا، وقبل أن أفتح الكتاب أغلق دفتر حياته، ورحل تاركًا أحبابه فى حزن مقيم.

ظنى، ياسر لم يكن يوزع كتابه على الأحباب فحسب، بل كان يودعهم، سلام أخير ووداع، عادة إذا حمَّ القضاء، ينتعش من اختاره الله ويلقى تعبه وراء ظهره، ويُقبل على الدنيا، ويهم بوداع محبيه، وودعنا ياسر جميعًا، كلٌّ باسمه، لم يترك حبيبًا دون وداع.

حتى إطلالته الفضائية الأخيرة مع الزميل أحمد موسى كانت وداعًا صاخبًا لملايين أحبوه، ودعهم خير وداع بكشف حساب بين دفتى كتاب، خلاصة عمره.

البقاء لله .. مكتوب علينا الحزن تواليًا، لا نفيق من الصدمات، نودع بعض على عين الحياة، نودع جيلًا يرحل فى ريعان الشباب بعد عناء، بالأمس صديق، واليوم حبيب، وغدًا، وكلٌّ بمشيئته سبحانه وتعالى، … فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (الأعراف/ 34).

منذ أن شاهدته لأول مرة فى مدرج كلية إعلام (جامعة القاهرة/ دفعة 86)، وكنت أراه نابغًا، ذكيًا، موهوبًا، طامحًا، حركيًا، مع لمسة طيبة من أصل طيب تلون وجهه، ولكنة ناصرية تزين خطابه.

 

الاسم المشترك بيننا (رزق) كان يطرح سؤالًا كل حين: هو ياسر أخوك؟ كنت أسعد جدًا، وأجيب ابن عمى الذى لم تلده جدتى، كنا أكثر من الأخوين، وياما وقف فى ظهرى فى المُلمات، رحيله كسر ظهرى، جمل الحمول ناء بالأحزان.

 

قطع بينا فى عرض الطريق، لسه بدرى قوى يا ياسر، غادرت لترتاح، عند ربنا راحة كبيرة قوى تستحقها بعد شقاء، وفى الجنة إن شاء الله. يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ. ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً. فَادْخُلِى فِى عِبَادِى. وَادْخُلِى جَنَّتِى. (الفجر/ 27: 30).

بالدمع جودى يا عين على زينة الشباب، كان مثل فرس أصيل يعرف العيبة، ويحترم الشيبة، ويعطف على الشباب، كم من كبوات صادفته، لكنه دومًا كان ينهض فارسًا يشق الغمام ، قلم سيال، وشلال معلومات، حظى بثقة مصادر المعلومات، فكانت مقالاته تحمل أهم الأخبار، وفراسة تستشرف المستقبل.

 

ما تركه ياسر رزق فينا كثير، محبة وطيبة وإيثار، ورحيله يحش وسط المحبين. حقيقة أحس بوحشة، كل هذا العالم من حولى لا أحد ، صرت مودعًا معزيًا، وتلونت سطورى بالحزن الشفيف، أصحو لأودع صديقًا، يتلوه حبيب، دواليك، لا راد لقضائه، بس الفراق صعب، الله يرحمك يا حبيب قلبى.. البقاء لله.. وسبحان من له الدوام.

المقال السابق

5 أسباب تؤدي لسحب وحدات الإسكان الاجتماعي من حاجزيها

المقال التالي

أهمية إعطاء فيتامين ” أ ” للأطفال .. وزارة الصحة توضح

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *