قبل أن أتلقى لعناتكم، أعترف أمامكم بأنى خلية وقحة مجرمة قائمة على الغزو وعدم احترام الجار القريب أو البعيد، أنهب غذاءكم حتى أنهك كيانكم تماما مثل بعض حكوماتكم فى الماضى والحاضر، ومن حقى أن أفرح بهذه الحكومات السرطانية القائمة على تدمير الشعوب بالحروب أو السدود. خلق الله الخلايا الطبيعية وعلى جدرانها شرط حضارى اسمه احترام الجار، لها أن تتكاثر كما تشاء، ولكن عليها أن تتوقف إذا لامست خلايا جيرانها، وهذا ما تسمونه Contact Inhibition أو كما تقولون: حرية يدك تنتهى عند حرية أنفى!! أما أنا فكما قلت لكم خلية سافلة لا تعرف احترامًا للجار، لم يخلقنى الله هكذا، ولكنكم أنتم دمرتم طبقة الأوزون الحامية لكم من الأشعة فوق البنفسجية القاتلة، أنا دراكولا الكامنة فى طفرة جينية كامنة خوفًا من جهاز مناعتكم الرهيب، ولكنكم تخرجوننى عن عقلى بالملوثات السرطانية فى الهواء الذى تشمونه، والماء الذى تشربونه، والغذاء الذى تتناولونه، بل وفى كثير من الوظائف التى تعملون بها كالصبغات، والكهرباء، والمنسوجات والمحفوظات… إلخ.
هذه العادة القذرة «الدخان»، كما كان يسميها سلامة موسى، ألا تعرفون أن بها ألفا وبيتا Poly Cyclic Aromatic المسببة للسرطان، خصوصًا الكلى Hydrocarbons والمثانة؟! أذكر كاتب هذه المقالة بهذه السيدة الأرستقراطية التى جاءت له بسرطان المثانة، وحين سألها عن التدخين، قالت له: لا أدخن، ولكنه زوجى يرحمه الله، كان لا يحلو له التدخين إلا فى غرفة النوم، وحين أطلب منه الخروج إلى البلكونة يقول: اخرجى أنت! كنت مدخنة سلبية.
أطلق علىَّ أبوقراط اسم Carcinos على اسم سمكة السرطان، ثم ترجموها إلى اللاتينية Cancer ولكن جالينوس أطلق على الورم الذى أسببه Oncos، ومن هنا جاء اسم Oncology أى علم الأورام.
لقد جاء ذكرى فى برديات مصر القديمة، والغريب أنى أقرأ عنه وكأنى أقرأ Baily And Love وهو من أعظم مراجع الجراحة، تقول البردية: إذا تحسست ورمًا فى ثدى امرأة، ووجدته فجًا Firm كالفاكهة غير الناضجة، قل لأهل المريضة: هذا داء لا حيلة لى فيه!.
خرجت الولايات المتحدة بثمانى مجموعات من الغذاء قادرة على منعى من الظهور بل وقتلى، وسمتها Super Food كانت المجموعة الأولى: البصل والثوم والليمون! وهذا ما كتبه هيرودوت: المصريون من أكثر الشعوب صحة، كيف يمرضون ودائمًا فى طعامهم البصل والثوم والليمون.
كنت فى الماضى أفتك بكم لأنى كنت خبيثة لا تظهر لى أعراض إلا فى المراحل الأخيرة، لهذا أطلقوا على المرض الذى أسببه: المرض الخبيث، ولكنكم الآن أصبحتم تكشفون عنى مبكرًا، بالموجات فوق الصوتية، والمقطعية، والرنين المغناطيسى، بل واستفدتم من جشعى وشراهتى للمواد السكرية، فجعلتم السكر مشعًا، حتى ألتهمه فتكشفوا عن مكانى، وأماكن انتشارى.
أصبح كفاحى والقضاء علىَّ سهلًا فى بواكير المرض، جراحى، هورمونى، كيماوى، إشعاعى، ولكن إياكم أن تنسوا العامل النفسى فى الشفاء، إن نخاع العظام الذى ينتج ٨ ملايين كرة دم بيضاء كل دقيقة لتهاجمنى لا يستهان به، الحزن الشديد يهدم جهاز المناعة بينما الإيمان والتفاؤل يشددان قواه، أذكّر كاتب هذه السطور بمريضة ظهر عندها سرطان الثدى فى كارثة ألمت بها، وكم كانت دهشته، حين فحصها بعد ستة أسابيع، فإذا بالورم كأن لم يكن.. سبحان الله.