في خطوة تحسب للشعب التونسي ف تتنفس التونسيين الصعداء بعد 10 سنوات من قبوعها فى خندق الإخوان المظلم، فى وقت تتولى قوات الأمن المتمركزة حول محيط البرلمان التونسي، منذ صباح الثلاثاء، غلق الشارع المؤدي إلى باب متحف باردو بالحواجز الحديدية، لمنع وصول محتمل لمثيرى الشغب، وأفادت قيادات أمنية تونسية أن هناك تنسيقا تاما بين الأمن والجيش لتنفيذ قرارات الرئيس سعيد.
وكان قيس سعيد حقبة الإخوان المريرة بقرارته الجريئة غير المسبوقة، حيث تسبب حكم حركة النهضة الإخوانية، التى سيطرت على مجلس نواب الشعب التونسي وعملت على تكميم أفواه الأحزاب والتيارات السياسية داخل البرلمان، في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع الأسعار في البلاد، وسط انهيار اقتصاد البلاد وارتفاع معدل البطالة في البلاد بشكل كبير..
واستند الرئيس قيس بن سعيد فى قراراته للفصل 80 من الدستور، وبموجبه قرر تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإعفاء رئيس الحكومة وعدد من الوزراء من مناصبهم، وتولى الكتاب العامون أو المكلفون بالشؤون الإدارية والمالية برئاسة الحكومة والوزارات المذكورة تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين تسمية رئيس حكومة جديد
و كانت قرارات الرئيس التونسي قد حظيت بتأييد شعبي عارم، حيث احتشد آلاف التونسيون في الميادين للاحتفال بتلك الإجراءات التي من شأنها التصدي لحالة الارتباك التي تسببت فيها الحكومات المتعاقبة في تونس جنباً إلى جنب مع إدارة البرلمان للمشهد السياسي والتي عجزت عن الاستجابة لتطلعات وطموحات الشعب التونسي.
الرئيس والمجلس الأعلى للقضاء
وفى تلك الأثناء لم يفت الرئيس التونسى التشديد مرارا وتكرارا على احترام الدستور والقانون والحريات، وهوما أكده خلال استقباله رئيس المجلس الأعلى للقضاء وعددا من أعضائه، مشيرا إلى حرصه على احترام الدستور ومقتضياته وفرض القانون على الجميع وضمان استقلال القضاء في “هذه المرحلة الدقيقة” من تاريخ تونس.
وكانت مؤسسة الرئاسة قد أصدرت بيان قالت فيه إن سعيد اجتمع مع يوسف بوزاخر رئيس المجلس الأعلى للقضاء ومليكة المزاري عضو المجلس الأعلى للقضاء رئيسة مجلس القضاء العدلي وعبد الكريم راجح عضو المجلس الأعلى للقضاء نائب رئيس مجلس القضاء الإداري.
وجدد قيس سعيد دعوته للتونسيات والتونسيين إلى عدم الانزلاق وراء دعاة الفوضى.
عبير موسى: فرحة كبيرة
وقد أكدت عبير موسي، فى أول تعليق لها منذ قرارات الرئيس قيس سعيد، أن الشعب التونسي عبر عن سعادته بتلك القرارات، لأنهم تخلصوا من الإخوان ومن راشد الغنوشي وهشام المشيشي، في إشارة منها إلى التجمعات التي ملأت الشوارع تأييداً للتغييرات الأخيرة بإقصاء الحكومة وتجميد البرلمان.
واضافت، عبر صفحتها الرسمية في فيسبوك، أن الشارع لن يسمح بالالتفاف على فرحة التونسيين، مؤكدة أن المعنيين لن يخذلوا الناس كما حصل سابقاً، مكدة على ضرورة تحديد المسار الذي يصب في مصلحة التونسيين بعد القرارات الأخيرة، مضيفة: “لا يمكن أن نكون إلا في صف الشعب التونسي، في سبيل إنقاذ تونس من منظومة الدمار”.
قرارات صححت المسار
ومن جانبه فقد قال المحلل السياسي التونسى عماد بن حليمة، اليوم الثلاثاء، إن قرارت رئيس الجمهورية التونسية بتقعيل الفصل 80 وإعفاء رئيس الحكومة تندرج في إطار “تصحيح الأوضاع الخطأ”.وفق إذاعة شمس التونسية .
وأكد بن حليمة، أن قرارات رئيس الجمهورية تنصب في التوجه نحو مسار سياسي جديد”، لافتا النظر إلى أنهم “في إنتظار خارطة طريق للمرحلة القادمة”.وأكد أن الرئيس قيس سعيد، كان بإمكانه إختيار شخصية قوية لا يمكن التحكم فيها إثر إسقاط حكومة الفخفاخ.
وأوضح بن حليمة، أن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قاد حركة النهضة للهاوية وتسبب في سقوط حكومة كان لديهم فيها 6 وزراء، في إشارة منه لحكومة الفخفاخ.
الموقف الدولى
اصبحت تونس فى بؤرة الاهتمام على الصعيدين العربى والدولى، ولايزال العالم يتابع بشغف التطورات والأحداث المتلاحقة على أرض تونس، فيما جاءت مواقف العديد من الدول داعمة لكل ما يحقق الاستقرار والسلام لتونس.
الولايات المتحدة الأمريكية
وأكد الرئيس قيس سعيد خلال مكالمة هاتفية مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية أنطوني بلينكن، على احترامه للشرعية والحقوق والحريات، مشيرا إلى أن الإجراءات التي تم اتخاذها تندرج في إطار تطبيق الفصل 80 من الدستور لحماية المؤسسات الدستورية وحماية الدولة وتحقيق السلم الاجتماعي.وفق إذاعة موزاييك التونسية .
فيما أعرب وزير الخارجية الأمريكي عن مواصلة انخراط بلاده في تطوير علاقات الشراكة التي تجمعها بتونس في عدة مجالات، وتعزيز القيم والمبادئ المشتركة المتعلقة بالدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية.
ألمانيا: ليس انقلابا
ومن جانبها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية أن ما يحدث ليس انقلابا وعبرت عن قلق برلين حيال الاضطرابات السياسية المتصاعدة في تونس.
وأكدت المتحدثة أن برلين لا تعتبر أحداث تونس “انقلابا”، موضحة أن الخارجية الألمانية تنوي إجراء مفاوضات مع السفير التونسي.
الاتحاد الأوربى
ودعا الاتحاد الأوروبي الأطراف التونسية المختلفة إلى الحفاظ على الهدوء وتجنب العنف والحفاظ على استقرار البلاد، دعا فى بيان له أمس الثلاثاء، تونس إلى إعادة الاستقرار المؤسساتي في أسرع وقت ممكن.
وأكدت المتحدثة باسم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، أن بروكسل تتابع عن كثب التطورات الأخيرة في المشهد التونسي، والحرص فى المقام الاول على استقرار البلاد.
وعلى صعيد متصل، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، اليوم الإثنين، أن الكرملين يتابع تطورات الوضع في تونس.
وفي تصريحات صحفية قال بيسكوف: “نتابع الوضع ونعول على ألا يهدد شيء الاستقرار وسلامة المواطنين في هذا البلد”.
ورأت صحيفة «لوموند» الفرنسية، أن الأزمة السياسية في تونس وصلت إلى ذروة جديدة، موضحة أن البلاد التي تضررت بشدة من كورونا والصعوبات الاقتصادية، وأكدت الصحيفة الفرنسية، أنه فور هذا الإعلان، نزل آلاف التونسيين إلى الشوارع على الرغم من حظر التجوال الساري.
وأضاف: «التونسيون احتفلوا بأصوات الأبواق في الشوارع في محاولة لبث حياة جديدة في النظام بعد شهور من الجمود السياسي بعد التخلص من حزب النهضة الذي لم يعد يحظى بشعبية ولا أغلبية برلمانية».
وتابعت الصحيفة أنه على الرغم من مشاهد الابتهاج في الشوارع التونسية، والشعبية التي يتمتع بها الرئيس سعيد، الذي انتخب بنسبة 72% من أصوات الناخبين فى 2019، تبقى أسئلة كثيرة مطروحة أبرزها حول الوضع الأمني في البلاد.
وفى السياق ذاته، اعتبرت محطة «فرانس.إنفو» التلفزيونية ، أن قرار الرئيس التونسي قيس سعيد تعليق البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، نهاية طبيعية للمواجهات التي استمرت لأشهر في تونس، مشيرة إلى خروج آلاف التونسيين إلى الشوارع، غاضبين من الأزمة الصحية وسوء إدارة الوباء وانخراط الحكومة التونسية والبرلمان الذي يسيطر عليه حزب النهضة في الصراعات السياسية على حساب الأزمة الصحية، مما دفعهم للمطالبة باستقالة الحكومة وحل البرلمان.
ووفقا للمحطة الفرنسية، فإن الرئيس التونسي استمع إلى تلك المطالبات، بعدما باتت البلاد في حالة شلل سياسي منذ عام 2019، معتبرة أن تلك القرارات كما ذكر الرئيس سعيد جاءت «لإنقاذ تونس دولة وشعبا»، مشيرا إلى نزول العديد من التونسيين إلى الشوارع للاحتفال بالقرارات على الرغم من حظر التجوال.
وأشارت «فرانس.إنفو»، إلى أن هذه الصراعات على السلطة هي التي أدت بشكل ملحوظ إلى الكارثة الصحية التي تعيشها تونس اليوم، ومن ثم تصاعد الغضب الشعبي، كما أن تونس لديها واحدة من أسوأ معدلات الوفيات الرسمية في العالم.
إجراءات مكملة
على الصعيد الداخلى فى تونس، اتخذ الرئيس قيس سعيد مساء الاثنين حزمة من الإجراءات لضمان تأمين المناطق المختلفة فى تونس فى ظل الظروف الاستثنائية التى تمر بها ، تجنبا لأية محاولات لإثارة الفوضى والبلبلة .
ضمن تلك الإجراءات أصدر الرئيس التونسى أمرا رئاسيا يقضي بـتعطيل العمل بالإدارات المركزية والمصالح الخارجية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية لمدة يومين بداية من الثلاثاء مع إمكانية التمديد للإجراء، مع إتاحة الصلاحيات لكل وزير أو رئيس جماعة محلية اتخاذ قرار في تكليف عدد من الأعوان بحصص حضورية أو عن بُعد.
كما يُلزم الهياكل الإدارية التي تقدم خدمات إدارية بتأمين استمرارية تلك الخدمات مع تمكين الرئيس المباشر بكل هيكل إداري أن يُرخّص في بعض الخدمات الإدارية الأخرى أو القيام ببعض إجراءاتها عن بُعد ، على أن يتم استثناء أعوان قوات الأمن الداخلي والعسكريين وأعوان الديوانة والأعوان العاملين بالهياكل والمؤسسات الصحية العمومية والأعوان العاملين بمؤسسات التربية والطفولة والتكوين والتعليم العالى.
وضمن تلك الاجراءات أيضا، أن أصدر الرئيس أمرا رئاسيا بمنع التجمعات بالطرقات والشوارع ، ومنع التجوال من الساعة السابعة مساء إلى الساعة السادسة صباحا ويستمر سريان القرار حتى الجمعة الموافق 27 أغسطس، مع فتح المجال تعديل لتمديد العمل بالقرار وفق ما تقتضيه الظروف فى الدولة .
مع التشديد على ضمان استمرار انسيابية سير عمل المرافق الحيوية طبقا للأحكام المتعلقة بضبط الحاجيات الأساسية ومقتضيات ضمان استمرارية المرافق الحيوية في إطار تطبيق اجراءات الحجر الصحي الشامل