• 22 نوفمبر، 2024

رئيس التحرير

ناجي وليم

سامح محروس يروى اسرار عن حياة حسب الله الكفراوى

فقدت مصر يوم الخميس الماضى المهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان والتعمير الأسبق بعد حياة امتدت 91 عامًا، وعطاء مستمر حتى آخر لحظة فى حياته.

أسعدنى الحظ أن أعرف المهندس حسب الله الكفراوى عن قرب، إنه واحد من وزراء الزمن الجميل، وأكثر ما شدنى إليه نقاءه وصراحته فى الحديث.

التقيت بالمهندس حسب الله الكفراوى فى الكثير من المناسبات، وكثيرا ما كنت أتصل به للإطمئنان على صحته، وإذا لم يرد على الإتصال فى حينه، كان من خلقه الرفيع أن يعاود الإتصال بمن سبق الاتصال به.

وزير الإسكان ألح على مبارك لعودة البابا .. فقال الرئيس الأسبق:
دع الأمور تمشى بترتيب

كثيرون عرفوا المهندس حسب الله الكفراوى رائدًا من رواد عالم البناء والتشييد فى مصر، ولكن ما لا يعلمه أحد أن الرجل كانت له اهتمامات خاصة بالشأن الوطنى، ومما رواه لى أنه كان أحد مهندسى الترتيب لعودة البابا شنودة الثالث إلى كرسيه البابوى عندما تولى الرئيس حسنى مبارك مسئولية الحكم بعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات إثر قرارات سبتمبر 1981 الشهيرة.

ارتبط المهندس حسب الله الكفراوى بصداقة شخصية جمعته والبابا شنوده الثالث، وكثيرا ما كان يقوم بزيارته فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون الذى كان يقيم فيه البابا شنودة بعد صدور قرار الرئيس السادات فى الخامس من سبتمبر 1981 بإلغاء قرار تعيينه، وجلس مع البابا شنودة كثيرا واستمع له ونقل وجهة نظره للدولة، وكللت جهود المهندس حسب الله الكفراوى – إضافة إلى جهود أخرى – بالنجاح حتى عاد البابا إلى كرسيه فى يناير 1985.

غير أن التساؤل الأهم فى موضوع السادات والبابا شنوده هو: لماذا تأخرت عودة البابا شنوده إلى كرسيه لفترة امتدت أكثر من أربع سنوات؟، رغم أن الرئيس مبارك بدأ عهده بلقاء المعتقلين السياسيين كما حدث فى اللقاء الشهير الذى حضره فؤاد سراج الدين ومحمد حسنين هيكل وغيرهم، وكان ذلك بادرة طيبة بدأ بها الرئيس السابق حكمه بالإفراج عن معتقلى سبتمبر 1981؟

لماذا كان البابا شنوده هو آخر من يخرج – رغم أنه لم يكن معتقلا – بل كان متحفظًا عليه فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون؟

لقد رحل السادات بعد نحو شهر من صدور قرارات سبتمبر، وبقى إرث هذه المرحلة فى رقبة الرئيس الجديد – وقتها – حسنى مبارك، فلماذا تأخر صدور قرار عودة البابا شنوده رغم الرمزية الشديدة لهذه الخطوة فى الحفاظ على السلم الاجتماعى من ناحية، وتهدئة المشاعر القبطية من ناحية أخرى؟

كان المهندس حسب الله الكفراوى واحدًا من أبرز المتحمسين لسرعة عودة البابا شنوده إلى كرسيه البابوى وإلغاء قرار الرئيس الأسبق السادات بإلغاء قرار تعيينه بابا للكنيسة، وكان الكفراوى واحدًا من أقرب الوزراء للرئيس مبارك ومحل احترامه، وظل يلح على الرئيس السابق بضرورة تصحيح هذا الوضع غير المقبول الذى يمس رأس الكنيسة المصرية، وأمام هذا الإلحاح طلب الرئيس مبارك من المهندس حسب الله الكفراوى أن يتروى قليلا فى موضوع خروج البابا من الدير.

وقال الرئيس مبارك – بحسب شهادة الكفراوى – هل يمكن أن أترك زعماء مصر والأخوان وأقوم بإخراج البابا؟
وأضاف الرئيس: دع الأمور تمشى بترتيب.

لقد كانت الزيارات ممنوعة عن البابا فى السنة الأولى من وجوده فى الدير، واقتصرت على الوزراء وكبار رجال الدولة، وكان من أبرز من زاروه فى تلك المرحلة المهندس حسب الله الكفراوى، وميريت غالى، وأمين فخرى عبد النور.

اللواء حسن أبو باشا وزير الداخلية للبابا:-
الحراسة الموجودة حول الدير لك وليست عليك
فأجاب بقوله:
الحراسة التى لى تحرسنى أينما ذهبت ولا تمنعنى من الحركة

 

أيضا شملت قائمة الزوار اللواء حسن أبو باشا وزير الداخلية فى ذلك الوقت الذى أراد أن يخفف من حدة الأمر على البابا، وقال للبابا شنوده: “إن الحراسة الموجودة حول الدير لك وليست عليك”

فرد عليه البابا بقوله: الحراسة التى لى تحرسنى أينما ذهبت، والتى على تمنعنى من الحركة، اعذرنى فى القول إن الحراسة القائمة من النوع الثانى وليس الأول.

ثم زاره اللواء أحمد رشدى الذى تولى منصب وزير الداخلية خلفا للواء أبو باشا، حيث التقى والبابا فى الدير ديسمبر 1984، وأبلغه بـأنه سوف يحتفل بعيد الميلاد فى الكاتدرائية.

لقد حدثنى المهندس حسب الله الكفراوى فى بعض من هذه التفاصيل، وفى المكالمة قبل الأخيرة بينى وبينه كان مقررًا ان نلتقى لأسجل شهادته الثرية والمهمة بشكل علمى مرتب ومنظم كما اعتدت مع الكثير من الشخصيات التى لعبت دورا فى الحياة العامة بمصر، لولا أن تدهورت حالته الصحية فاعتذر لى عن اللقاء فى آخر حديث تليفونى معه، وكنت أطمئن عليه بين الحين والآخر من نجله الصديق العزيز المهندس عبد العزيز الكفراوى.

رحم الله واحدا من أنبل فرسان هذا الوطن .. المهندس حسب الله الكفراوى.

المقال السابق

تراجع اسعار الذهب في مصر والعالم

المقال التالي

الدواء به سم قاتل

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *