وصلت العلاقات بين الدوحة والقاهرة فى مرحلة سابقة إلى حد كان يؤسف له كثيرًا، ولكن جاء عليها وقت لاحق طغى الأمل فيه على الأسف.. وكان ذلك منذ اللحظة التى انعقدت فيها قمة مجلس التعاون الخليجى فى مدينة العلا السعودية ٥ يناير الماضى!.
من يومها انتقلت العلاقات من خانة إلى خانة أخرى مختلفة، ومن مربع لا اتصالات فيه بين الجانبين إلى مربع مغاير ذهب من خلاله السفير عمرو الشربينى سفيرًا لنا إلى العاصمة القطرية، وجاء السفير مبارك آل شافى إلى قاهرة المعز، سفيرًا لقطر، وزار سامح شكرى الدوحة ناقلًا دعوة رئاسية إلى الأمير لزيارة القاهرة، ثم طار محمد بن عبدالرحمن، وزير الخارجية القطرى، ينقل دعوة أميرية إلى الرئيس لزيارة قطر!.
وكان هذا كله عنوانًا لإرادة سياسية فى العاصمتين ترغب فى تجاوز ما كان ذات يوم، وتقول إن مصالح الدول هى القاعدة لا الاستثناء!.. وليس أدَلَّ على ذلك إلا كلمات البيان المنشور على موقع وزارة الخارجية القطرية، ٢٨ سبتمبر الماضى، بعد أيام من تسليم السفير آل شافى أوراق اعتماده إلى الرئيس!.
ومما قاله السفير، فى تصريحات له نقلها الموقع: إن مصر دولة لها وزنها وثقلها الاستراتيجى، ولا يمكن إغفال دورها المحورى فى المنطقة!.. ومما قاله أيضًا: إننى هنا جزء من منظومة متكاملة تعمل على تحقيق أقصى قدر ممكن من التقارب فى العلاقات الثنائية القطرية المصرية وتقويتها.. وقد احتفت صحيفة الشرق الأوسط الصادرة فى لندن بالبيان، فأشارت إليه فى صدر صفحتها الأولى!.
وعندما تنشر الخارجية القطرية بيانًا بهذه النبرة الإيجابية الملحوظة على موقعها الرسمى، فهذا معناه أن بيانها يعكس إرادة سياسية فى قصر الحكم الذى تعبر هى عن سياساته!.
وهذه نبرة لابد من رصدها، ثم هذه لهجة لا بد من الإشارة إليها، ولا بد من وضعهما معًا فى إطار لأن ما جاء فيهما يقول إن ما قبل بيان العلا ليس هو ما بعده، وإن ما كانت القاهرة تترقبه فيما بعد البيان تجده وتراه على لسان السفير الجديد، الذى انتهى بالكاد من تقديم أوراق الاعتماد!.
فى مقدور الدوحة أن تعوض الكثير الذى فات، وفى إمكانها أن تجعل من هذا البيان القوى برنامج عمل يجد ترجمته على الأرض أولًا بأول!