خمسون عام علي هذه الذكري المجيدة
٣١ أكتوبر ١٩٧١
قصة اختيار الله ليحمل النير ..
انها قصة لابد أن نرويها للأجيال الحالية ليعرف الجميع إن البابا شنودة لم يتخل لحظة عن مبدأ من حق الشعب أن يختار راعيه فبعد نياحة البابا كيرلس السادس ترشح حوالي 23 ثم 17 اسم من المطارنة والأساقفة والرهبان لكرسي مار مرقس مع ملاحظة أن أحدا لم يتقدم لتزكية نفسه وأجريت انتخابات في المجمع المقدس وفى كل مرة كان الأنبا شنودة أسقف التعليم في مقدمة المرشحين حتى اقتربت اللحظة الحاسمة
وعندها قال الأنبا شنودة لابد إن نطبق مبدأ اختيار الشعب لراعيه
وقال الأنبا انطونيوس القائمقام : ” هل يرضيكم أن يأتى البابا الجديد مجرحاً ؟ ”
فقال الأنبا شنودة : ” وأيضاً لو اختير البابا في هذه الحجرة المغلقة سيكون هذا سببا في تجريحه لنأخذ رأى الشعب بأي صورة تقترحونها ”
ولان المجلس الملي كان مجمدا منذ أيام البابا كيرلس السادس فقد استعيض عنه بأعضاء هيئة الأوقاف القبطية وبعد مفاوضات وشد وجذب تم تطبيق اللائحة كما طلب الأنبا شنودة وتم ترشيح 9 أسماء وبعد التصفيات وصلت إلى خمسة أسماء ليس من بينها اسم الأب متى المسكين ( ردا على من يقول انه استبعد لصالح البابا شنودة مع انه لم يصل لمرحلة الانتخابات الشعبية فقط ترشح على مستوى المجمع المقدس وأعضاء هيئة الأوقاف القبطية والديوان البطريركى )
وبعدها أقيمت الانتخابات بين الخمسة في 29 أكتوبر 1971 وقام بها 622 ممثلا للشعب القبطي وايبارشياته وكان يومها الأنبا شنودة محاضرا في اجتماعه الاسبوعى ولم يذهب للانتخاب وأسفرت النتيجة عن التالي:
الأنبا صموئيل وحصل على 440 صوتاً
الأنبا شنودة وحصل على 434 صوتاً
القمص تيموثاؤس المقارى وحصل على 312 صوتاً
وفى يوم الأحد 31 أكتوبر 1971 م بدأ قداس القرعة حوالي الساعة السابعة والنصف صباحاً وحضر أعضاء المجمع المقدس وأعضاء لجنة الأملاك بالبطريركية وأعضاء هيئة الأوقاف والوزراء الأقباط والآلاف من الشعب القبطي .
وبعد رفع بخور باكر وقبل تقديم الحمل دخل نيافة الأنبا أنطونيوس القائمقام وأحضروا مائدة وضعوها أمام الهيكل ووقف الأنبا أنطونيوس وفى يده ثلاثة أوراق بكل واحده أسم من أسماء المرشحين
وقال الأنبا أنطونيوس أمام الآلاف المؤلفة وأمام عدسات التلفزيون :
” سأريكم الآن الثلاث ورقات كلها بمقاس واحد , ولون واحد , ومختومة من الجانبين بختمي وختم لجنة الانتخاب , سأطبق كل واحدة أمامكم وسأضعها في العلبة وأقفلها وأشمعها إمامكم وأختمها بختمي . ”
وأمسك الأنبا أنطونيوس بالعلبة الفارغة وأراها للناس ثم أمسك بالورقة الأولى وبسطها أمام الجميع ليراها الناس وقرأ الاسم الموجود فيها وطبقها ووضعها في العلبة وكذلك فعل نفس الشئ مع الورقتين الأخريتين ..
ثم أغلق العلبة وختم على العلبة بخاتمة وسلم الخاتم للسيد الوزير / إبراهيم نجيب
ثم أخذ العلبة ووضعها على المذبح وبدأ القداس والتضرع لله أن يختار لكنيسته الراعي الصالح.
وبعد نهاية القداس أعادوا المائدة إلى أمام المذبح وجمعوا كل الأولاد الذين حضروا الصلاة وتناولوا حتى يختاروا واحداً ليسحب ورقة (القرعة) وكانوا تسعة أولاد , ووقع اختيارهم على أصغرهم وكان في العاشرة من العمر وأسمه أيمن منير كامل
الذى يحكى عن ذلك اليوم ويقول :
((يقول كنت لا أمتلك تذكرة حضور لا أنا ولا والدتى وحاولنا الدخول لحضور المراسم وإستحال ذلك فوقفت متشبثاً بالباب الحديدى وكان الزحام شديد وفجاة فتج الباب وتم إنتزاعى أنا وثمانى أطفال للمشاركة فى القرعة الهيكلية كنت أقف مع الثمانى أطفال منتظر ماذا يحدث حتى وضع القائم مقام يده على وقال ” هاتوا الولد ده ” ))
والبسوا الطفل أيمن ملابس الشمامسة وحمله نيافة الأنبا أغابيوس ( أسقف ديروط المتنيح ) وأتى به إلى القائمقام ..
وهنا رفع الأنبا أنطونيوس العلبة التي بها الثلاثة ورقات إلى أعلى مربوطة ومختومة حتى يراها الناس بأربطتها وأختامها ثم أدار العلبة في يده عدة مرات وهزها حتى لا تثبت الأوراق كما وضعها ثم فض الأختام من على العلبة ووقف أمامه الطفل أيمن بعد أن أخفوا عينيه حتى لا يرى شيئاً من ألأوراق التي سوف يسحب أحداها ,
وفى أثناء ذلك بدأ الآلاف من الشعب القبطي المتواجد في الكنيسة يصلون قائلين كيرياليصون 41 مرة.
ثم مد الطفل أيمن يده إلى العلبة وهو مغمض العينين وسحب ورقة فأخذها منه القائمقام الأنبا أنطونيوس وكان الجميع في صلاة وترقب وأمسكها بيده وفتحها وقرأ الأنبا أنطونيوس الاسم المكتوب في الورقة وأعلنه بصوت جهوري : –
نيافة الأنبا شنودة .. أسقف التعليم
وقتها كان المختار من الله في خلوة روحية كعادته في دير السريان بوادي النطرون تاركا الأمر كله في يد الرب ..
الذي اختاره ليجلس على كرسي القديس مرقس ..
لتبدأ بجلوسه فترة نهضة شاملة امتدت لنحو اربعين عام