الفنان الكبير لطفي لبيب واحدا من أبرز أبناء جيله ، ووجه البشوش وضحكته الصافية وتلقائيته في الأداء وخفة ظله – جعلوا منه فنانا متميزا ، قريبا لقلوب المصريين الذين أحبوه ، وربما أحبوا فيه مصريته الأصيلة .
حزنت حين قرأت تصريحا للفنان لطفي لبيب يعلن فيه اعتزال التمثيل ، نظرا لظروفه الصحية ، والأزمة التي ألمت به وحرمتنا من وجوده على الساحة الفنية . على الرغم من انه سبق وأعلن منذ عام تقريبا انه لن يعتزل الفن وسيمارس الكتابة حتى يتم شفاؤه .
لكن على الرغم من التميز الفني وتنوع أدواره الكثيرة وإجادتها ، إلا أن الجانب المثقف في شخصيته لا يخفى على أحد ، هذا ما كشفت عنه حواراته ولقاءاته الصحفية والتليفزيونية ، كما أن مشاركته في حرب إكتوبر المجيدة والتحاقه بالجيش الثالث ، أضافت لشخصيته بعدا وطنيا خالصا ، خاصة انه قام بتأريخ هذه التجربة المهمة في كتاب عن حرب أكتوبر بعنوان ” الكتيبة 26 ” ، وقد قام بطباعته بدار ميريت للنشر عام 2010 ،
وقد سبق وطالب الفنان الكبير وعدد من الكتاب والصحفيين بتحويل الكتاب إلى فيلم ، خاصة ونحن في حاجة ملحة لأعمال فنية تعبر عن نصر أكتوبر العظيم ، فما بال أن مؤلفه هو أحد شهود العيان ، ولكن حتى الآن لم يلتفت أحد إلى هذا العمل .
لم يكن الفنان لطفي لبيب في أداءه ممن يستعرضون عضلاتهم الكوميدية ، لكن بساطة أداءه وسلاسته وأسلوبه المتميز في التمثيل جعلته مع كل عمل فني يقدمه سينمائيًا كان أو تليفزيونيا أو مسرحيا يحتل مساحة أكبر في قلوب المصريين .
حتى عندما قدم دور السفير الإسرائيلي في فيلم ” السفارة في العمارة ” ، كان أداؤه المدروس لتفاصيل الشخصية ، والأسلوب الكوميدي الذي قدمه أضاف لرصيده ولم ينقص منه ، وهو دور غاية في الصعوبة وعلى المحك لأي فنان ، يدرك مشاعر المصريين والعرب تجاه القضية الفلسطينية والإحتلال الإسرائيلي . بينما يرفض أداء دور شيخ فاسد بحسه الوطني أيضا، وهو المصري القبطي الفطن لما يمكن أن يصطاده البعض في الماء العكر .
يقدم لطفي لبيب نموذجا مصريا خالصا وفريدا ، وهو يتحدث عن قراءته للقرآن الكريم ليحسن لغته العربية كما نصحه أستاذه سعد أردش في معهد الفنون المسرحية ، وانه يستمع للقرآن بصوت الشيخ مصطفى إسماعيل ، ليعيد لنا صورة التسامح والتآخي الخالدة في المجتمع المصري ، والتي حاول البعض على مر العصور تشويهها .
لطفي لبيب ليس مجرد فنانا محبوبا ، أو مثقفا واعيا ، أو بطلا خاض حربا تاريخية ، لكنه مزيج مصري من كل هذا وأكثر ، لذا فهو يستحق تكريما يسعده ، وأعتقد أن تحويل كتابه إلى عمل فني هو أكثر ما يسعده .