• 7 نوفمبر، 2024

رئيس التحرير

ناجي وليم

سحر الجعارة تكتب : أحبوا اعداءكم

كل عام ونحن «أحبة» نعى جيداً أننا شعب واحد نعيش تحت علم واحد، نتقاسم كل شبر وكل حبة رمل وكل كنيسة أو مئذنة.. نمتلك -بحكم الدستور- إرادة مستقلة ورئيساً منتخباً ومجلساً تشريعياً وقضاء مستقلاً وفضاء إعلامياً واسعاً.

 

«دولة راسخة» على أرض صلبة، وتحت هذه العناوين بالقطع ستجد مساحة من الاتفاق والاختلاف، بدءاً من مصل كورونا وصولاً للدستور نفسه والقوانين التى تنظم حياتنا.. مساحة الاختلاف هى جوهر شرعية الحكم والحكومة، فما دمت قادراً على التعبير عن نفسك، بعقيدتك وانتماءاتك، مؤمناً بأن النظام يستمد قوته من صلابة قاعدته الجماهيرية، وأن سعيك لمزيد من الحريات وتكريس مدنية الدولة سعى شرعى وصحى ومطلوب.. فاللُحمة الوطنية هى مكافأة ثورتك على الفاشية الدينية..

 

هى حلوى «عيد الميلاد المجيد».. وكل عيد. أنت لا تحتاج فتوى لتحب أو تصلى أو تنجب أطفالاً أسوياء، لا تحتاج لفقيه يحرم أو يحلل لك قُبلة على جبين أمك أو ضمة لطفلك الصغير.. أو لتربت على كتف امرأتك.
«سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم. وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم» (متى 44: 5).. هذه كلمات سيدنا «عيسى» عليه السلام لتلاميذه.

 

كل عام ونحن أولى بعيسى عليه السلام، كما خبّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبى هريرة قال، قال رسول الله: (أنا أولى الناس بعيسى، الأنبياء أبناء علات وليس بينى وبين عيسى نبى).

 

كل عام ونحن أكثر تمسكاً بالقرآن الكريم، عن الانحياز الأعمى لفتوى ابن تيمية، فميلاد السيد المسيح معجزة إلهية يجب أن نتوقف أمامها، فما كرّم القرآن «عیسى» علیه السلام فى شخصه أولاً، بل كرّم أمه العذراء البتول التى حملته، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)، (آل عمران: 42). والسيدة مریم العذراء مثال متفرد غير متكرر، بدليل أن القرآن أفرد لها سورة باسمها، ولم يفعل ذلك مع أمهات المؤمنين رضى الله عنهن.

 

وسيدنا عيسى عليه السلام فى القرآن الكريم هو مضرب المثل فى البر والتقوى. ولما وضعته أمه اتهمها أهلها بما تُتهم به المرأة التى لا زوج لها وتلد طفلاً، فإذا به ينطق مبرئاً أمه، لتظهر المعجزة الباهرة، ويتحدث السيد المسيح فى مهده، وعن ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِياً (29) قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِياً (30) وَجَعَلَنِى مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِى بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَياً (31) وَبَرَّاً بِوَالِدَتِى وَلَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّاراً شَقِياً (32) وَالسَّلَامُ عَلَىَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَياً): سورة مريم.

 

كيف لا نحتفل بميلاد السيد المسيح وهو جزء من إيماننا؟! (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)، سورة البقرة.

 

فإن كنت داعشياً صدِّق ما جاء به «الدواعش» من فتاوى ابن تيمية التى يعيدون نشرها فى كل مناسبة، لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعى، لنشر أيديولوجياتهم المتطرفة التى تدعو إلى العنف ونفى الآخر، وسر خلف الفتاوى الشاذة والمغرضة للقرضاوى وبرهامى.. أما ان كنت مؤمنا فتذكَّر أن الفاطميين كانوا أول من احتفل بميلاد السيد المسيح.

 

فى عيد الميلاد المجيد: «سلام عليك يوم ولدت.. ويوم تبعث حيا»

 

المقال السابق

مفاجأة كبيرة من النادى الاهلى في عقد إعارة كهربا

المقال التالي

عاجل .. وفاة الإعلامي وائل الإبراشي متأثرا بإصابته بكورونا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *