• 25 نوفمبر، 2024

رئيس التحرير

ناجي وليم

هل جاء المسيح لإجئا في مصر ?!

# السيد المسيح لم يكن لاجئًا
# مصر استقبلت قبله إبراهيم ويعقوب ويوسف .. ولم يصفهم أحد بـ “اللاجئين”

# احتفلت الكنيسة القبطية مؤخرًا بعيد دخول السيد المسيح إلى أرض مصر الذى يوافق الأول من يونيه من كل عام.
وقام البابا تواضروس الثانى بزيارة كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمدينة “سخا” محافظة كفر الشيخ، وألقى كلمة استمرت 12 دقيقة و18 ثانية، قدم فيها قراءته الخاصة للمناسبة، واستعان بالمفكر جمال حمدان ووصفه بـ “عالم الجغرافيا” على اعتبار أنه تخرج فى قسم الجغرافيا بكلية الآداب جامعة القاهرة.
ولم يفت البابا أن يداعب فريق “الكورال” الذى وقف خلفه ووصفهم بأن صوتهم ملائكى، ثم عاد وقال إنهم “خايفين باين واللا مرعوبين.. مش عارف ليه؟” دون أن يفهم أحد ما المقصود بهذه العبارة بعد المداعبة!!
وواصل البابا حديثه عن رؤيته لسبب اختيار السيد المسيح لمصر، وذكر بلدان العالم فى ذلك الوقت: لبنان وسوريا والعراق. حتى وصل إلى الدقيقة الخامسة وخمسين ثانية، وقال بالحرف الواحد: إن العائلة المقدسة اختارت أن تأتى إلى مصر، فصار السيد المسيح هو أول “سائح” جاء إلى مصر.
ثم أضاف قائلا: وصار السيد المسيح هو أول “لاجئ” لجأ إلى مصر باعتبارها دار أمان.. إلى آخر الحديث.
……….
# والعجيب أنها لم تكن هى المرة الأولى التى يصف فيها البابا السيد المسيح بلفظة “لاجئ”، إذ سبق أن استخدم نفس الكلمة قبل ثلاث سنوات، فى كلمة متلفزة نشرتها “اليوم السابع” على صفحتها بالفيس بوك، بتاريخ 25 يونيه 2019 وأثار هذا اللفظ ردود أفعال عنيفة، وكان القراء المسلمون هم أول من يرفضون هذا الوصف الذى لا يليق بالسيد المسيح لما ينطوى عليه من إهانة.. والأمر لم يخل من ملاسنات بين القراء.
– والواقع أن كلمة “لاجئ” كلمة مستحدثة فى القانون الدولى، ولها معنى محدد لا يجوز إطلاقه على رحلة العائلة المقدسة بأرض مصر، حيث تعود عملية وضع القوانين والاتفاقيات التى تستهدف حماية اللاجئين للنصف الأول من القرن العشرين فى ظل عصبة الأمم، وبلغت ذروتها فى 25 يوليو 1951 عندما وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين.
وتحدد الاتفاقية بوضوح تعريفًا للاجئ ونوع الحماية القانونية، والحقوق المقررة له، ومن بينها حرية العقيدة والتنقل والتعليم والحصول على وثائق السفر، وإتاحة فرص العمل. كما تحدد أيضًا التزامات اللاجئ تجاه الحكومات المضيفة.
ومن جملة ما سبق يتضح مدى خطأ استخدام لفظ “لاجئ” فى وصف السيد المسيح أو أى من أفراد العائلة المقدسة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فقد تجاهل البابا فى حديثه أنه ثمة عشرين قرنًا قد مرت ما بين مجئ السيد المسيح إلى مصر، وبين ما تعارف عليه العالم فيما بعد من نظم تحدد الجنسية والهوية.
هجرة الرموز الدينية من الأنبياء والرسل وغيرهم، وارتحالهم من مكان لآخر تم فى ظروف سياسية ومراحل تاريخية تختلف تماما عن عالمنا اليوم. أجواء كان العالم فيها مفتوحًا، ولم يكن يعرف مفهوم الدولة القطرية أو الدولة الوطنية، ولم يكن النظام العالمى فى ذلك الوقت يتعامل بالأوراق الثبوتية وبطاقات الهوية، التى تحدد بشكل قاطع الفرق بين ابن الوطن والدخيل عليه.
………
# ويبقى لكلمة “لاجئ” إطار لغوى سيئ الدلالة، ينطوى على إهانة، ولا يصح إطلاقه على الرموز الدينية، فالكلمة تتسع لتشمل الحديث عن المشردين homeless، ، والذين بلا مأوى. وهو أمر يختلف عن زيارة السيد المسيح لمصر التى كانت فى الأساس بركة لهذا البلد، وإتمامًا لنبوات كثيرة يزخر بها الكتاب المقدس مثل: “من مصر دعوت ابنى”، و”مبارك شعبى مصر”، و”يكون للرب مذبحًا فى وسط أرض مصر”.(اشعياء 19:19)
فهل يليق بعد كل هذه النبوات التى كرمت العائلة المقدسة وطوبت زيارتها لمصر، أن نصف هذه العائلة بأنها كانت لاجئة، وأن السيد المسيح هو أول “لاجئ”؟
………
# وفى النهاية تبقى مغالطة تاريخية كبيرة فى الحديث عن رحلة السيد المسيح لمصر، ومع تحفظى الشديد على كلمة “لاجئ” وعدم جواز استخدامها فى هذه الحالة، فإن السيد المسيح لم يكن “أول” من تستقبله مصر على أرضها، سواء كان سائحًا أو لاجئًا، كما ورد فى حديث البطريرك، فقد سبقه إليها إبراهيم، ولم يصفه أى من العلماء والمفكرين بأنه “لاجئ”، وقصدها يعقوب وأولاده يبتغون خيرها، ولم يصفهم أحد باللاجئين، وأيضًا جاء إليها يوسف وتولى مقاليد أمورها، دون أن يتعرض لهذا الوصف القاسى!
وإذا رجعنا لتاريخ مصر الطويل سنجد أنها كانت هى القبلة التى قصدها الكثيرون بيتغون فيها الأمن والسكينة دون أن يهينهم أحد ويصفهم باللاجئين.
فكيف يكون الحال بالسيد المسيح الذى هوت أمامه أصنامها، وعاش بين ربوعها، وتباركت بلادنا بكل مكان وطأته قدماه المباركة على أرضها؟

سامح محروس

المقال السابق

الفيفا يهدد الزمالك بمنعه من القيد والهبوط للدرجة الثانية

المقال التالي

كريستيان بوليسيتش بديل ساديو ماني بعد رحيله من ليفربول

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *