أوشكت الحكومة المصرية على الانتهاء من إعداد حزمة تحفيز جديدة للحماية الاجتماعية للمواطنين، ولاسيما الفئات الأَوْلَى بالرعاية والأكثر تأثرًا بالتغيرات الأخيرة وارتفاع التضخم والأسعار محليًّا خلال الفترة الأخيرة- الخضروات والفاكهة والمنتجات الغذائية والأدوية وغيرها، وكذا أثر زيادة أسعار المحروقات- البنزين والسولار- على تعريفة ركوب المواصلات ونقل السلع والبضائع.
يغلب على الحزمه ملامح الاستهداف هذه المرة للمستحقين، وهناك سيناريوهات أعدتها وزارة المالية في هذا الشأن، لكنها لم تذكر حجم تكلفتها، لكنها أكدت أنها لن تلقى بمزيد من الأعباء على الموازنة العامة للدولة في التمويل.
كشف الدكتور فخرى الفقى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، عن إعادة صياغة برنامج الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولى، في ضوء تطور مؤشرات الاقتصاد المصرى، على خلفية تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، الغزو
الروسى لأوكرانيا.
وكان من المقرر، حسب تصريحات خاصة لـ«الفقى»، الحصول على القرض في السابق بغرض إتمام برنامج الإصلاح الهيكلى في مصر، والذى تم البدء فيه من جانب الحكومة يونيو قبل الماضى، وقد يكون من الملائم مراعاة التطورات الاقتصادية الجديدة وانعكاسات الأزمة محليًّا، خاصة أن مؤشرات الاقتصاد المصرى كانت مستقرة لدى وضع البرنامج في السابق على جميع المستويات، بينما بدأ تأثر المؤشرات مع بداية النصف الثانى من العام المالى المنتهى.
وتوقع «الفقى» أن يكون التمويل المتاح لمصر محدودًا هذه المرة، وسط تقديرات بأن يتراوح بين 5 و7 مليارات دولار.
وقال إن المفاوضات تجرى حاليًا بين الجانبين حول العديد من القضايا تمهيدًا لاتخاذ تدابير وإجراءات مسبقة من جانب الحكومة قبل التوقيع، ومنها ما يتعلق بواقعية سعر الصرف المحلى، وإنهاء ظاهرة قوائم انتظار- طوابير- لفتح الاعتمادات المستندية بالبنوك العاملة بالسوق المحلية.
وتوقعت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن يتم الوصول إلى اتفاق مع الصندوق أغسطس المقبل، وسط تأكيدات بمراعاة البُعد الاجتماعى في تداعيات الإجراءات المرتقبة.
وقال الدكتور محمد معيط، وزير المالية، فى تصريحات صحفية، مؤخرًا، إن الموازنة العامة للدولة ليس بمقدورها الاستمرار في تحمل ذلك الحجم من الأعباء الإضافية الناتجة عن التداعيات العالمية وزيادة الدعم الموجه للمواد البترولية، أو زيادة الاعتمادات لتحمل ذلك، لافتًا إلى استمرار وزيادة برامج الحماية الاجتماعية لتقليل أثر زيادة أسعار السولار على الفئات الأقل دخلًا.
وأضاف «معيط» أن زيادة أسعار البترول عالميًّا، وكذا ارتفاع سعر صرف الدولار محليًّا، زاد العبء على الموازنة العامة للدولة بمقدار كبير جدًّا، حيث لم يصبح بمقدورها في ظل هذه التطورات الاستمرار في تحمل مقدار هذا العبء الإضافى المتزايد الناتج عن هذه التداعيات.
وتابع الوزير: «كنا نستورد نحو ١٢٠ مليون برميل بترول في السابق بواقع يتراوح بين ٥٥ و٦٥ دولارًا للبرميل، بينما تجاوز سعره خلال الفترة الأخيرة، ولاسيما عقب الحرب في أوكرانيا ليصل إلى ١٢٥ دولارًا للبرميل، ما أصبح يكلف الموازنة تمويل استيراد نحو ١٥ مليار دولار، مقابل نحو ٧.٥ مليار دولار في السابق».
وأكد «معيط» أن البنود والأبواب واضحة ومحددة في الموازنة العامة للدولة، ومنها الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية والاستثمارات وغيرها، ولا يستطيع أحد منها تحمل هذا العبء الضخم، ولفت إلى زيادة تكلفة التمويل بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة عالميًّا، وهناك حالة من التضخم على مستوى العالم بسبب رفع سعر الفائدة، ما أثر على باب خدمة الدَّيْن بالموازنة.
اشار أحد المصادر الاقتصاديه أن التدخل واجب من الدولة لمواجهة تداعيات الآثار والتغيرات في ظل الأزمة من خلال إجراءات تجرى دراستها بدقة حاليًا، وأوشكت الحكومة على إصدارها»، مشيرة إلى إجراءات استثنائية تم اتخاذها مؤخرًا لمواجهة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصرى بشكل مبكر، وتحملت أعباءها الخزانة العامة، ومنها ما يتعلق بالأجور والعلاوات.
وتابعت: «الدراسات مستمرة لتطورات الموقف على جميع المستويات والتغيرات بشكل أسبوعى وشهرى، وهناك لجنة وزارية تم تشكيلها مؤخرًا لمتابعة الوضع الاقتصادى تُعد بمثابة (لجنة أزمة)، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وتضم محافظ البنك المركزى ووزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية والتموين والتجارة الداخلية والبترول، وتنعقد هذه اللجنة باستمرار لتقدير الموقف بشكل دائم».
وفى تصريحات صحفية لاحد المصادر اضاف أنه سيتم التوسع في الدعم النقدى- تكافل وكرامة- وتحديد الأسر المستهدفة، وكذا الإعفاءات، والدعم للبطاقات التموينية، وشددت على عدم زيادة أسعار الضرائب القائمة أو فرض ضرائب ورسوم جديدة، لكن سيتم البحث عن إيرادات غير تقليدية، كما ستتم زيادة الباب الرابع الخاص بالدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بمخصصات إضافية لتمويل الحزمة الجديدة، وترشيد المصروفات، بالإضافة إلى توجيه الوفر المالى المحقق من دعم المواد البترولية في الموازنة إلى برامج الحماية الاجتماعية.