*القداسة*
ربما يتبادر إلى الأذهان عندما نذكر كلمة *قداسة* هو حفظ نفوسنا من خطايا الشهوة والنجاسة ، وحفظ المشاعر من التعلق بآخر غير شريك الحياة، أو إطلاق العنان للفكر بمن لا يحل لى، أو خطايا النظر كما قال المسيح :
“وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا، فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ.” (مت 5: 28).
“لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: *«كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ».”* (1 بط 1: 16).
فعندما يطالبنا الله أن نكون *قديسين* ليس معناه فقط أن نترفع عن الخطايا السابق ذكرها، ونصنف أنفسنا *قديسين* إن لم نسقط فيها.
فمثلآٓ :ربما تكون هذه الأمور محسومة فى حياتك ، ولكن شهوتك فى إكتناز المال ورغبتك الجامحة فى الحصول عليه مازالت تسيطر عليك ، وتقودك للأنبطاح أمامه، والسلوك بأعوجاج لأجله.. فليس المال شر فى ذاته، بل الشر هو محبة المال .
“لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ أَصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي إِذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ.” (1 تي 6: 10). وقس على ذلك كل أمر آخر
ولكن *القداسة* هى أن نكون فى حالة دائمة ومستمرة فى الألتصاق *بالله القدوس* ..فلا يمكن أن توجد *قداسة* بعيداً عن الله فهو وحده *القدوس* لا مثيل له ولا نظير يقارن به.. *فالقداسة* أن أكون مفرز لله مخصص له لا ينازعه آخر فى ملكيتى وكذلك إدراكى أنى لا أحتاج لآخر مع الله..فإن كنت أشعر بأحتياجى لآخر فهذا يعنى أن الله لا يكفينى.. إذآٓ شركتى معه ليست كاملة.
إن الله يعرف ضعفنا وعدم قدرتنا فى ذواتنا “لأَنَّهُ يَعْرِفُ جِبْلَتَنَا. يَذْكُرُ أَنَّنَا تُرَابٌ نَحْنُ.” (مز 103: 14)..
لكنه يعرف أيضآٓ أنه يمكننا أن نكون *قديسين* إن كنا فى شركة معه وألتصقنا به وطهرنا أنفسنا من كل دنس لذلك يخبرنا بولس الرسول بهذه الآيات “فَإِذْ لَنَا هذِهِ الْمَوَاعِيدُ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لِنُطَهِّرْ ذَوَاتِنَا مِنْ كُلِّ دَنَسِ الْجَسَدِ وَالرُّوحِ، *مُكَمِّلِينَ الْقَدَاسَةَ فِي خَوْفِ اللهِ.”* (2 كو 7: 1).
لقد أعطانا الله وزنات نتاجر بها كلٍٍ فى مجاله.
ليأخذ الله المكانة التى يستحقها فى حياتنا.
فلا نجعل الوزنات تزاحمه وتأخذ مكانه.
ولا نجعل ما باركنا به من عطايا عائقآٓ يفصلنا عنه.
لأننا سنقف أمامه هو لنعطيه ما تاجرنا به وما ربحناه.
ولا نكن مثل عخان الذى خرج للحرب فأشتهى وسرق وخان.. فجنى على نفسه و على عشيرته .(سفر يشوع 7: 1-26)
فنحن لسنا أفضل منه فربما لو كنا مكانه لفعلنا مثله ..فوجه الشبه بيننا كبير.
لقد أوجدنا الله فى هذا العالم لأجل مجده ..فلا ينبغى أن ننشغل بشئ آخر.
*عخان أنت تشبهنى ..فقد خرجت للحرب مثلك*
*وشر قلبى شوهنى..ما فى قلبى مثل قلبك*
*بريق الذهب أقتحمنى ..ليته.. ذهب عنى وعنك*
*بجهلى قد ظننته كل شئ*
*..فخيب ظنى وظنك*
*والرداء الشنعرى أحببته.. وكأنه قطعة منى ومنك*
*والعار قد جلبته وألصقته.. بكل من قومى وقومك*
*الإثم قد حبلت به وورثته ..من بطن أمى وأمك*
*إن بدلنا زماننا ومكاننا.. لأصبح مصيرى مثلك*
عزيزى ماأجمل أن تسمع فى نهاية رحلتك هذه الكلمات من فم سيدك:
“قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ.” (مت 25: 23).
يوسف جميل