• 7 نوفمبر، 2024

رئيس التحرير

ناجي وليم

الصالون الجديد بمتحف الحضارة


 


الصالون الجديد بمتحف الحضارة

 

كانت مصر فى الخمسينيات والستينيات، حتى أوائل السبعينيات تحتشد بصالونات الثقافة والندوات الأسبوعية، ولعل أشهرها صالون العقاد الذى كان يعقد أسبوعيا فى منزل المرحوم الأستاذ/عباس العقاد فى ضاحية مصر الجديدة. ولقد فرد لنا ذكريات هذا الصالون الكاتب المرحوم أنيس منصور، وكذلك ندوة وصالون إحسان عبدالقدوس فى مؤسسة (روزاليوسف) وغيرهما من أساتذة الرأى والفكر والتنوير فى مصر على سبيل الذكر وليس الحصر، (صالون محمود فوزى، وصالون مى زيادة) وغيرهما. وكانت قصور الثقافة التى أنشأها العظيم الدكتور (ثروت عكاشة) فى جميع أرجاء مصر ، قرى ونجوع ومراكز ومدن بعدد (495) بيت ثقافة (حسب حصرنا لها فى عهد الأستاذ الدكتور أحمد نوار) وهو على رأس هيئة قصور الثقافة. كانت هذه القصور هى ملتقى الشباب والنخبة فى مصر، ولقد قدمت هذه القصور عباقرة فى الأدب والشعر والفنون التشكيلية، والغناء والموسيقى، وأيضاً مناقشات فكرية كانت تغذى الحركة الثقافية والسياسية فى مصر، هكذا كانت مصر. وهذه الأنشطة الحياتية فى مصر، كان وراءها فكر وأصحاب رأى ورؤية أيضاً. ولعل دار الأوبرا المصرية فى عصر د.إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة السابقة، قد سنَتَ سٌنْةَ حميدة بأن قدمت من خلال المسرح الصغير والكبير وأيضاً مسرح النافورة المكشوف, مجموعة من الندوات وأيضاً الحفلات التى قدمت من خلالها مطربين ومطربات مصريين وعربا، وكذلك فرق موسيقية مصرية وعالمية، فكانت متنفسا ثقافيا جيدا، وكانت تلك الأنشطة الثقافية بتبادل مواقع احتفالات مهم بين القاهرة والإسكندرية, مسرح سيد درويش, والمنصورة, قصر ثقافة المنصورة, ووصلت إلى قصور ثقافة فى صعيد مصر مثل (بنى مر, أسيوط, والعديديات, أسوان، الروديسية (كوم امبو)، حوض الرمال (الأقصر) وغيرها. وفى السنوات الأخيرة كانت هناك طفرات ثقافية رائعة، مثل افتتاح طريق الكباش فى الأقصر، ونقل الملوك والملكات الفراعنة من مقرهم فى المتحف المصرى (ميدان التحرير) إلى متحف الحضارة بعين الصيرة، هذا المكان العبقرى الذى أنشىء فى عصر (فاروق حسنى) (وزير الثقافة الأسبق) وعاونه فى اختيار هذا المكان المرموق وسط القاهرة (مصر القديمة) أيضاً الدكتور (أحمد نوار) وهو على رأس المتاحف المصرية، والعناية بمتاحف الأقاليم مثل (متحف الأقصر) ومتحف الوادى الجديد والخارجة وغيرها.

ومشهدا موكب المومياوات الملكية من التحرير إلى مقره الأخير بمتحف الحضارة، كان مشهدا مشهوداً للعالم كله، تم إخراجه وكأن مصر قد عاد لها شبابها وروحها الجميلة، وكانت تلك الأمسية التى تسيدها ملوك مصر القدامى وموسيقى العبقرى نادر عباسى مع الفنانة الشابة الرائعة هبة سليم التى تغنت

باللغة القبطية القديمة لايمكن أن يضيع من خيالنا أو ذاكرة الوطن مثل هذه الأحداث. وظهر أخيراً شاب رائع وهو الدكتور أحمد غنيم متولياً إدارة متحف الحضارة فاذا به ينشئ نقطة ضوء باهرة، فخلال عدة أشهر استطاع هذا الشاب أن يجمع فى صالون متحف الحضارة كل نخب المثقفين المصريين، فقدم من صالون المتحف وقاعة احتفالاته الصغيرة جدا فى سعته، والعظيمة جدا فى قيمته مجموعة من الأنشطة الثقافية على سبيل الذكر وليس الحصر احتفالية توت عنخ آمون (العرض الأخير) عقب على هذا الفيلم المتفرد الدكتور زاهى حواس الذى أعطى هذه الأمسية مذاقا مصريا خاصا وكان ذلك بالتعاون مع المركز الثقافى الإيطالى والسفارة الإيطالية فى القاهرة وهذا الفيلم من إخراج الفتان الإيطالى ERNESTO PAGANO. وأعقب تلك الدعوة دعوة أخرى تحت عنوان (الهارب يجمع الشعوب) مع العازف الأول فى العالم السويسرى (ألكسندر بولداتشيف) وعازفتنا الموهوبة الرائعة المصرية (منال محيى الدين) وإذ بمفاجأة أخرى بتقديم نعيم وديع الصافى كى يتغنى (عظيمة يا مصر يا أرض النعم). وأخيرًا يدعونا إلى أن نعيش ساعة مع العظيم الفنان المصرى والعالمى يحيى خليل (تحت عنوان إيقاع الروح). لقد استطاع دكتور أحمد غنيم أن يعيد لليالى القاهرة ضوءا ساطعا من الثقافة فى وجود وحضور متميز من مدعوين من النخبة المصرية المثقفة وسياسيين وقضاة ومحبى التاريخ المصرى. هنيئًا لنا بمتحف الحضارة وصالونه الثقافى.

د. حماد عبد الله حماد

المقال السابق

يوميات شيرين صفوت

المقال التالي

محنة نجم الأهلي بعد قرار استبعاده .. ومقلب رامز ينقذ كهربا …

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *