محمد فوزي (حكاية ونهاية مأسوية ) … !
تخيل كده تبقي قاعد في شركتك المستقلة اللي تعبت وفنيت عمرك في تأسيسها ف تيجي الحكومة تقول لك : مبروك إحنا هناخد منك شركتك ونعينك مدير بمرتب ١٠٠ جنية ومكتبك هيبقي في أوضة البوفيه ولو إتكلمت هنطردك ؟
محمد فوزي المولود سنة ١٩١٨ قرية أبو جندي ، مركز قطور ، محافظة الغربية ، وهو الإبن الحادي والعشرين لأبيه من أصل خمسة وعشرين ولداً وبنت منهم المطربة هدي سلطان وهند علام .
– مال محمد فوزي إلى الموسيقى والغناء منذ كان تلميذاً في مدرسة طنطا الابتدائية، وكان قد تعلم أصول الموسيقى في ذلك الوقت على يدي أحد رجال المطافئ محمد الخربتلي، وهو من أصدقاء والده وكان يصحبه للغناء في الموالد والليالي والأفراح. تأثر بأغاني محمد عبد الوهاب وأم كلثوم، وصار يغني أغانيهما على الناس في حديقة المنتزه، وفي احتفالات المدينة بمولد السيد البدوي.
– التحق بعد نيله الشهادة الإعدادية بمعهد فؤاد الأول للموسيقي في القاهرة، وبعد عامين على ذلك تخلى عن الدراسة ليعمل في ملهى الشقيقتين رتيبة وإنصاف رشدي قبل أن تغريه بديعة مصابني بالعمل في صالتها، حيث تعرف على فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمود الشريف، وارتبط بصداقة متينة معهم، واشترك معهم في تلحين الاسكتشات والاستعراضات وغنائها فساعدته فيما بعد في أعماله السينمائية. تقدم وهو في العشرين من عمره، إلى امتحان الإذاعة كمطرب وملحن أسوة بفريد الأطرش الذي سبقه إلى ذلك بعامين، فرسب مطرباً ونجح ملحناً مثل محمود الشريف الذي سبقه إلى النجاح ملحناً.
حضر إلى القاهرة عام 1938م، واضطربت حياته فيها لفترة قبل العمل في فرقة بديعة مصابني ثم فرقة فاطمة رشدي ثم الفرقة القومية للمسرح.
– كان الغناء هاجس محمد فوزي، لذا قرر إحياء أعمال سيد درويش لينطلق منها إلى ألحانه التي هي مِلْئ رأسه، وقد سنحت له الفرصة عندما تعاقدت معه الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى ممثلاً ومغنياً بديلاً من المطرب إبراهيم حمودة في مسرحية «شهرزاد» لسيد درويش، ولكنه أخفق عند عرضه الأول على الرغم من إرشادات المخرج زكي طليمات، وقيادة محمد حسن الشجاعي الموسيقية، الأمر الذي أصابه بالإحباط، ولا سيما أمام الجمهور الذي لم يرحمه، فتوارى زمناً إلى أن عرضت عليه الممثلة فاطمة رشدي، التي كانت تميل إليه وتؤمن بموهبته، العمـل في فرقتها ممثلاً وملحناً ومغنياً فلبى عرضها شاكراً. وفي العام 1944 طلبه يوسف وهبي ليمثل دوراً صغيراً في فيلم «سيف الجلاد» يغني فيه من ألحانه أغنيتين، واشترط عليه أن يكتفي من اسمه (محمد فوزي حبس عبد العال الحو) بمحمد فوزي فقط، فوافق من دون تردد. شاهد المخرج محمد كريم فيلم «سيف الجلاد»، وكان يبحث عن وجه جديد ليسند إليه دور البطولة في فيلم «أصحاب السعادة» أمام سليمان نجيب والمطربة رجاء عبده، فوجد ضالته في محمد فوزي، واشترط عليه أن يجري جراحة تجميلية لشفته العليا المفلطحة قليلاً، فخضع لطلبه، واكتشف بعدئذٍ أن محمد كريم كان على حق في هذا الأمر. وكان نجاحه في فيلم «أصحاب السعادة» كبيراً غير متوقع، وساعده هذا النجاح على تأسيس شركته السينمائية التي حملت
اسم أفلام محمد فوزي في عام 1947.
– دأبت الإذاعة المصرية التي رفضته مطرباً، على إذاعة أغانيه السينمائية من دون أن تفكر بالتعاقد معه. وبعد ثورة يوليو/تموز 1952؛ دخل الإذاعة بقوة بأغانيه الوطنية كأغنية «بلدي أحببتك يا بلدي»، والدينية من مثل: «يا تواب يا غفور»، و«إلهي ما أعدلك». وأغاني الأطفال مثل «ماما زمانها جاية» و«ذهب الليل»، والتي غنّاها في فيلم «معجزة السماء». كذلك اشترك مع مديحة يسري، عماد حمدي، شادية، فريد شوقي وهدى سلطان في رحلات قطار الرحمة التي أمرت بتسييره الثورة عام 1953 بين مديريات الوجه البحري والآخر القبلي، وقدَّم جانباً من فنه مع الفنانين الآخرين لمواساة المرضى في المستشفيات، وفي مراكز الرعاية الاجتماعية.
– غنّى فوزي العديد من الأغاني التي كانت من ألحانه في مجموعة من الأفلام، كما لحن للعديد من مطربي عصره أمثال محمد عبد المطلب وليلى مراد ونازك وهدى سلطان أخته ونجاح سلام، وغيرهم الكثير.
– النشيد الوطني الجزائري:
في عام 1956 ذهب اثنان من مسؤولي الجزائر إلى مصر وقابلوا محمد فوزي في إذاعة صوت العرب وطلبوا منه تلحين النشيد القومي الجزائري، لكن محمد أبو الفتوح رئيس القسم المغربي في الإذاعة اعترض على فوزي، واعتبره ملحنا خفيفا ولا يصلح لتلحين النشيد القومي. أخذ فوزي الأمر على أنه تشكيك بقدراته وموهبته وقدم نشيد قسما، وقام بتلحين النشيد القومي الجزائري الذي لازال حتى يومنا هذا.
– تأسيس شركة مصرفون ثم تأميمها :
عام 1958م استطاع فوزي تأسيس شركة مصرفون لإنتاج الإسطوانات، وفرّغ نفسه لإدارتها، حيث كانت تعتبر ضربة قاصمة لشركات الإسطوانات الأجنبية التي كانت تبيع الإسطوانة بتسعين قرشاً، بينما كانت شركة فوزي تبيعها بخمسة وثلاثين قرشاً، وأنتجت شركته أغاني كبار المطربين في ذلك العصر مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما.
– دفع تفوق شركة فوزي وجودة إنتاجها الحكومة إلى تأميمها سنة 1961م وتعيينه مديراً لها بمرتب 100 جنيه الأمر الذي أصابه باكتئاب حاد كان مقدمة رحلة مرضه الطويلة التي انتهت برحيله بمرض سرطان العظام في 20 أكتوبر 1966م. يقول أحمد السماحي: «إن التأميم كان السبب في انهيار فوزي فبعدما كان صاحب الشركة وعمودها الفقري وهي كل حياته، بدأ عمله فيها يتقلص، حتى جاءها في أحد الأيام وجد على بابها أحد الأشخاص يقول له سنعطيك مرتبا شهريا مئة جنيه، وسيكون لك فيها مكتب وستكون رئيس الشركة، لكنه وجد مكتبه الخاص في الحجرة التي كانت بوفيه للشاي والقهوة.»
– وفاة الفنان محمد فوزي :
أسس شركة (مصرفون) لتكون أول شركة للأسطوانات في الشرق الأوسط والتي لحق بها استوديو لتسجيل الألحان والأغاني وكان تأميم هذه الشركة في أوائل الستينات من أكبر الصدمات في حياته بل وأعظمها، بدأت بعدها متاعبه الصحية ومرضه الذي احتار أطباء العالم في تشخيصه وقرر السفر للعلاج بالخارج وبالفعل سافر إلى لندن في أوائل العام 1965م ثم عاد إلى مصر ولكنه سافر مرة أخرى إلى ألمانيا بعدها بشهرين إلا أن المستشفى الألماني أصدر بيانا قال فيه أنه لم يتوصّل إلى معرفة مرضه الحقيقي ولا كيفية علاجه وأنه خامس شخص على مستوى العالم يصيبه هذا المرض حيث وصل وزنه إلى 36 كيلو. (المرض هو تليف الغشاء البريتوني الخلفي) فيما بعد وأطلق على هذا المرض وقتها (مرض فوزي) هكذا سماه الدكتور الألماني باسم محمد فوزي. وهكذا دخل محمد فوزي دوّامة طويلة مع المرض الذي أودى بحياته إلى أن توفي في 20 أكتوبر عام 1966م.
وقد بلغ رصيد محمد فوزي من الأغنيات 400 أغنية منها حوالي 300 في الأفلام من أشهرها «حبيبي وعينيه»، و«شحات الغرام»، و«تملي في قلبي»، و«وحشونا الحبايب»، و«اللي يهواك أهواه»، و«مال القمر ماله»، ومجموعة من أجمل أغنيات الأطفال التي أشهرها «ماما زمانها جاية» و«ذهب الليل طلع الفجر» والأغنية الوطنية الشهيرة «بلدي أحببتك يا بلدي» وأغاني المناسبات ك «هاتوا الفوانيس يا ولاد» الخاصة برمضان وأغنية «إنتي يا أمي» الخاصة بعيد الأم، وغيرها من الأغاني وله لحن خاص واسمه «يا مصطفى» والذي أصبح أيقونة في الموسيقى العالمية حيث تم استخدامه في أغاني عالمية كثيرة.
بعد أيام معدودة تحل علينا الذكري ال ٥٧ علي وفاتة
رحم الله الفنان العبقري محمد فوزي
كنبت/ زيزت فؤاد