يوسف جميل يكتب حوار مع الحياة*
“اَلْحَكِيمُ عَيْنَاهُ فِي رَأْسِهِ، أَمَّا الْجَاهِلُ فَيَسْلُكُ فِي الظَّلاَمِ. وَعَرَفْتُ أَنَا أَيْضًا أَنَّ حَادِثَةً وَاحِدَةً تَحْدُثُ لِكِلَيْهِمَا.” (جا 2: 14).
من الحكمة أن نختار الحياة التى نحياها ونتمسك بها فهناك حياة تعقبها حياة وأيضاً هناك حياة يعقبها هلاك
وإن كانت كل منهما تبدأ هنا على الأرض وتعبر نفقاََ واحداً يسمى الموت ولكن محطة الوصول ليست واحدة.
فالمسيح أخبرنا أنه أتى لتكون لنا حياة ويكون لنا أفضل(يو 10:10) ومن يتبعه فلا يمشى فى الظلمة لأن فى نوره يرى معالم الطريق واضحة وأيضاً يرى نهاية الرحلة المجيدة وهذا الذى جعل بولس يتحدث بكل ثقة ويقين “لأَنَّنِي عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِي إِلَى ذلِكَ الْيَوْمِ.” (2 تي 1: 12).
فما المنفعة إن وضعت فى قلبى أن أختار مباهج ما أظن أنها الحياة وتمسكت بها وجعلتها الهدف الأسمى والغاية العظمى وقلت لنفسى : “يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي!”(لو12: 19) ثم تفاجأت بما لم يكن فى الحسبان وأتى صوت الله يدوى فى أذناى ” يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟” (لو 12: 20).
وسليمان الحكيم كان محق عندما أخبرنا بالحقيقة الآتية
“ثُمَّ الْتَفَتُّ أَنَا إِلَى كُلِّ أَعْمَالِي الَّتِي عَمِلَتْهَا يَدَايَ، وَإِلَى التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُهُ فِي عَمَلِهِ، فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ، وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ.” (جا 2: 11).
وبالرغم من ذلك نجد من يشعر بظلم الحياة فلا يريد أن يغادرها دون الحصول على مبتغاه
فيتخيل الحياة التى يتمسك بها شخصاً يحدثه فذهب إليها
وتجاذبا أطراف الحديث..
فنظرت إليه كى يبدأ..
وأومأت برأسها..
وبيدها أشارت..
فشكا منها إليها ..
وقال متنهداََ :
لم تبتسم لىٌٓ الحياة ..
ولم تعطنى وجهها الجميل..
بل عنى استدارت..
وخبأت مكنوناتها ..
وكأنها خجلآٓ ..
من غريب توارت..
فتعجبت لفعلها ..
فكم عشقت جمالها ..
ومتيم أنا بها ..
ولدىّٓ أشواق البقاء فى حضنها..
فامهلينى لأكتشف فيكى المزيد..
ففيكى العقول أحتارت..
وأستسمَحُكٍ مُدى يداكى..
لتتشابك أصابعنا وعانقينى..
فقلبى أحبك ..
ومشاعرى ألتهبت وذابت..
وراقصينى..
رقص عروسين..
فى ليلة زفاف..
أمتدت للصباح و طالت..
ولا تسرعى الخطى..
بل كونى كطفلتى ..
حينما أتكأت على صدرى..
فاستراحت ثم نامت..
لنتعاهد أن نظل سوياََ..
فلا تفارقينى ..
سأكون لكى وفياََ ..
لا تتركينى ..
فأجابتنى بعدما تعب قلبى
ونفسى انهارت..
أيها الزائر..
لا تشغلن النفس بى..
وبمن جلست وقامت..
أنظر لحالك أيها الضيف الغريب..
حتماً سترحل..
فلا تبتغى شيئاً فى ذى الحياة..
من حلوها أو مرها..
فالحياة قصيرة..
حتى وإن طالت..
فيا ابن آدم عش يومك
وكأنك غدآٓ سترحل ..
فالخلود على الأرض..
فكرة أستحالت..
عاش هنا جبابرة عتاة..
ثم رحلوا..وعروشهم توارت ..
ظنوا أن الحياة خاضعة لهم..
ثم فاجأتهم وثارت..
فترنحوا كالسكران فى قيئه..
فعقولهم ذهبت ومالت..
فهذى هى الحياة التى..
بالأمس لهم لذت وطابت..
وكأنها كانت فى سبات..
ثم فجأة هبت وقامت..
وأطفأت أسماءاََ قد تلألأت..
وأصعدت آخرين..ولهم أضاءت..
وأنت مثلهم ..لك نفس المصير..
فقد أخبرتك أنك ضيف غريب..
حتماً سترحل ..
فالحياة قصيرة ..
حتى وإن طالت..
*بقلم*
*يوسف جميل*