‘ناقوس خطر’
يهدد بانكماش تحويلات المصريين بالخارج
هناك خطر حقيقي يهدد بفقدان الاتصال بين الدولة والجيلين الثاني والثالث من أبناء المصريين في الخارج. ينبغي التركيز على خطورة هذا الانقطاع، خاصة في مناطق أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا.
السؤال المهم الذي يطرح نفسه هو مدى إمكانية ربط هذه الأجيال بوطنهم مصر، وهل نجحت المبادرات السابقة في تحقيق هذا الهدف؟
الإجابة واضحة: تلك المبادرات فشلت بشكل كبير، ليس فقط بسبب سوء تنفيذها، بل لأنها لم تدرك عمق المشكلة الحقيقية. هذه الأجيال قد اندمجت بشكل كامل في المجتمعات الغربية التي نشأت فيها، ونحن اعتمدنا فرضية غير صحيحة أنهم ما زالوا يحتفظون بانتماء قوي لمصر ويسبحون ويرددون”ماشربتش من نيلها” أو “بلادي بلادي”،. انتماؤهم لمصر بات بيولوجيا فقط، ولا يمكن لومهم على ذلك، فقد تربوا في بيئات وثقافات بعيدة عن الثقافة المصرية.
تكمن خطورة هذا الوضع في بعدين أساسيين:
البعد الاقتصادي والبعد الاجتماعي.
من الناحية الاقتصادية، يتوقع انكماش تدريجي في تحويلات المصريين بالخارج مع مرور الزمن ورحيل الجيل الأول، لأن الدافع لتلك التحويلات سيختفي مع زوال الحافز الشخصي المرتبط بها.
أما من الناحية الاجتماعية، فإن هؤلاء الأفراد ليسوا فقط أبناء لآباء مصريين، بل هم أيضاً مواطنون مصريون يتمتعون بحقوق وواجبات كاملة. وعلى الدولة مسؤولية حمايتهم والاهتمام بهم، والبحث عن طرق مبتكرة للحفاظ على اتصالهم بوطنهم.
لقد فشلت جميع المبادرات السابقة مثل “اتكلم عربي” و”تعال إلى جذورك” و”مصر في انتظارك”، لأنها اعتمدت على فكرة جذبهم إلى مصر بدلاً من الوصول إليهم حيث يعيشون واحتضانهم هناك.
الحل يكمن في الوصول إليهم وتبنيهم من خلال إنشاء آليات جديدة مصرية خالصة في الخارج، تعزز ارتباطهم بوطنهم بطريقة تناسب واقعهم الحالي.
أعلم أن المهمة ليست سهلة التنفيذ لكني ادق ناقوس خطر
التحدي يكمن في ابتكار حلول جديدة ومختلفة عن تلك التي تم تجربتها ولم تنجح. إن التعليم في الخارج يجب أن يكون موجهاً خصيصاً لتلبية احتياجات الأجيال الثانية والثالثة من أبناء المصريين، وذلك يتطلب فهماً عميقاً لبيئتهم الثقافية والاجتماعية.يجب أن يكون التركيز على خلق تجربة تعليمية تتناسب مع واقعهم وتربطهم بوطنهم بشكل فعال ومستدام.
إذا تمكنا من تطوير هذا النوع من التعليم المخصص والمبتكر، فسيكون له تأثير إيجابي كبير على تعزيز الانتماء لمصر والحفاظ على الهوية الوطنية لدى هذه الأجيال.
د. محمد على
نيوجرسي