جبال العالم
1 أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الْجِبَالِ، مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي!
2 مَعُونَتِي مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، صَانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ. مز 121: 1-2
قد يحيط بنا الألم ويظل كضيف ثقيل يرفض المغادرة و يجلب معه بعضاََ من اليأس والإحساس بالعجز ويغيب النهار فنتسائل : هل يأتى مجدداََ؟ وإن عاد هل يحمل معه مزيد من الألم؟ .فمن يعيش حبيس تخيلات ما ينتجه واقعه لا يمكنه أن ينتظر ما هو أفضل لحياته وكلما تحدث كان لسان حاله هكذا :
وكأن جبال العالم وجدت راحتها فوق أكتافى
وكأن نجاح الطب أن يترك نزفى ويهمل إسعافى
وكأن الأوجاع أتفقت أن تملأ كأسى حزن صافى
وكأن الذئب مع الكلب عقدا صلحاََ وافترسا كل خرافى
وكأن اليأس يطاردنى ورصد مكافأة لمن يدلى بأوصافى
وكأن الموج مع الريح أرادا غرق القارب وكسر مجدافى
وكأن قواى قد أنهارت صرت كسيحاََ مشلول الأطرافِ
صرت ضعيفاََ يرعشنى البرد ولا أملك ثمن الأصوافِ
وكأنى جئت لصحراء جرداء أسعى لجمع الأصدافِ
كثيراً ما نطلق على ما نحمله من هموم ومآسى بالجبال كتعبير عن صعوبة الحياة التى نحياها ويظل البعض منا حبيس الواقع المؤلم وكلما رفع عينيه لا يرى إلا الجبال الشاهقة فلا يستطيع أن يرى أبعد من ذلك .
لا تشعر بالعجز أمام الجبال حينما تدرك أنك لا تستطيع تسلقها بل أرفع عينيك أبعد من ذلك مثلما فعل داود فكلما نظر للجبال يرى إله الجبال القادم له بالمعونة فيردد كلمات الإيمان ( معونتى من عند الرب صانع السماء والأرض)
يوجد رجاء لكل متضايق ومرى النفس ..فلا تطرح ثقتك التى لها مجازاة عظيمة (عب 10: 35) فشمس النهار التى غابت حتماََ ستشرق ومعها مراحم إلهية لا تزول هى جديدة فى كل صباح ( مرا 3: 22-23 )
ليس عليك حين تنظر للجبل سوى إنتظار الرب لتتمكن من سماع صوته فيطمئن قلبك فعروس النشيد تنظر للجبال فيبتهج قلبها وتتغنى بأجمل الكلمات “صَوْتُ حَبِيبِي. هُوَذَا آتٍ طَافِرًا عَلَى الْجِبَالِ، قَافِزًا عَلَى التِّلاَلِ.” (نش 2: 8).
فالله قادر أن يخرج من الصخور القاسية ماءََ ليرويك
ألم يفعل ذلك مع الشعب قديماََ ليروى عطشهم فى البرية
(خر 17: 5-6)
عندما تتصعب أمورك وتقسو عليك الحياة فأنت على وشك الحصول على معجزة إن الله قادر ليس فقط أن يخرج ماءََ من الصخرة بل أيضاً يصنع معك بحسب قدرته الغير محدودة “أَرْكَبَهُ عَلَى مُرْتَفَعَاتِ الأَرْضِ فَأَكَلَ ثِمَارَ الصَّحْرَاءِ، وَأَرْضَعَهُ عَسَلًا مِنْ حَجَرٍ، وَزَيْتًا مِنْ صَوَّانِ الصَّخْرِ،” (تث 32: 13).
لقد أخبرنا المسيح أن فى العالم سيكون لنا ضيق ولكن أيضاً أخبرنا أن نثق فيه لأنه غلب العالم (يو 16: 33).
وعلمنا ما علينا فعله عندما تواجهنا المصاعب ( الجبال )
“فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُكُّونَ، فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضًا لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ.” (مت 21: 21).
إن الجبال وجدت لنتسلقها ونجلس على قمتها فها هو كالب الذى ذاق حلاوة الأنتصار يطلب أن يكون نصيبه الجبل ليحارب العناقيين ويطردهم (يش 14: 12)
لقد كان كالب فى الخامسة والثمانين و لم يكن متراخياََ شاعراً بالعجز بل ظل متشدداََ بالرب كما كان فى الأربعين ولديه قوة للدخول والخروج والحرب والرغبة فى المواجهة والأنتصار (يش14: 10-11)
معنى أسم كالب ( قلب ) ومعنى أسم يفنة ( يجهَّز و يحول) لقد أستطاع كالب أن يحول قلبه عن العيان ويجهزه للتحدى متشدداََ بالرب إلهه فكان له ما أراد
لندع كلمة الله تملأ أذهاننا لنحيا فى هذا العالم بفكر سماوى أننا فى المسيح منتصرين
“وَلكِنْ شُكْرًا للهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.” (2 كو 2: 14). فهنيئاََ لنا لأن الله ميزنا “وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ،” (أف 2: 6).
بقلم
يوسف جميل