“عيد الأم.. هل يكفي يوم واحد للاحتفال بأعظم إنسانة؟”
كتبت : يوستينا ألفي
في كل عام، يأتي 21 مارس حاملًا معه احتفالات عيد الأم، فتغمرنا الإعلانات والهدايا والرسائل المؤثرة التي تعبّر عن الامتنان والتقدير لأعظم امرأة في حياة كل منا. لكنه يطرح سؤالًا جوهريًا: هل يكفي يوم واحد فقط لنعبّر فيه عن حبنا وامتناننا للأم، وهي التي تمنح بلا مقابل طوال العمر؟
الأم.. العطاء بلا حدود
الأم ليست مجرد كلمة، بل هي عالم من الحنان والتضحية. هي التي سهرت الليالي، وتحملت الصعاب، وواجهت التحديات فقط لتصنع لأبنائها حياة أفضل. بعض الأمهات لم يكنّ فقط أمهات، بل كنّ أيضًا آباء، وسندًا، وقوة لا تنكسر في مواجهة ظروف الحياة.
هناك أمهات وقفن وحدهن أمام مسؤولية تربية أبنائهن بعد أن غاب الأب، سواء بسبب الوفاة، أو الانفصال، أو لأي سبب آخر. هؤلاء النساء لم يكن لديهن رفاهية الاستسلام، بل وقفن بشجاعة ليقمن بدور الأب والأم في آنٍ واحد، ليعلّمن أبناءهن معنى القوة والكرامة والاعتماد على النفس. لم يكنّ فقط مربيات، بل كنّ مقاتلات في معركة الحياة، يواجهن العقبات بابتسامة، ويصنعن من المستحيل حياة كريمة لأطفالهن.
وماذا عن الأمهات اللواتي يربين أطفالًا من ذوي القدرات الخاصة؟
هن ملائكة تمشي على الأرض، يحملن من الصبر والقوة ما لا يتحمله بشر. كل يوم في حياتهن هو تحدٍّ جديد، لكنه أيضًا انتصار جديد. فبين جلسات العلاج، والنظرات القاسية من المجتمع، وبين لحظات الخوف والتعب، يقفن ثابتات، قويات، مؤمنات بأن أطفالهن يستحقون كل الحب والاحتواء. هؤلاء الأمهات لا يعرفن اليأس، بل يخلقن الأمل، يزرعن القوة، ويمدحن أصغر الإنجازات وكأنها معجزة، لأنهن يدركن أن كل خطوة يخطوها طفل من ذوي القدرات الخاصة هي إنجاز حقيقي.
التقدير الحقيقي لا يرتبط بيوم معين
لا شك أن تخصيص يوم للأم هو فرصة للتعبير عن الحب والتقدير، لكنه لا يجب أن يكون اليوم الوحيد الذي نتذكر فيه فضلها. التقدير الحقيقي يكمن في كل فعل صغير يعكس امتناننا لها، في كل لحظة نشعر فيها بقيمتها، في كل مرة نبادر بالاهتمام بها كما كانت تفعل معنا دائمًا.
الأم ليست بحاجة إلى هدية فاخرة بقدر حاجتها إلى اهتمام صادق، وإلى كلمات تقدير تعكس محبتنا العميقة لها. فما أجمل أن نجعل كل أيامها أعيادًا، بتواجدنا، بحبنا، وبتقديرنا الحقيقي لعطاء لا ينضب.
قد يمر عيد الأم وينتهي اليوم، لكن الأم تظل هي النعمة الأعظم في حياتنا، التي لا تعوَّض ولا تكرَّر. فلتكن كل أيامنا عيدًا لها، ولنتذكر دائمًا أن وجودها في حياتنا هو أعظم هدية منحها الله لنا. فكل عام وكل أم بألف خير، كل عام وكل أم صامدة، قوية، مربية، ومصدر أمان لا ينضب.