صور الثقافة بين الماضي والمستقبل: استراتيجية جديدة تعيد الروح للثقافة الجماهيرية
كتبت : يوستينا الفي
تخطو وزارة الثقافة خطوات واثقة نحو استعادة الدور الحقيقي لقصور الثقافة في مصر، من خلال استراتيجية تطوير شاملة تهدف إلى تحويل هذه القصور من مبانٍ تراثية إلى منارات إشعاع ثقافي في قلب المجتمعات.
في زمن أصبح فيه الترفيه الرقمي هو المسيطر، تعود قصور الثقافة لتقول كلمتها، بثوب جديد يليق بتاريخها، ويواكب طموحات الأجيال القادمة. فالإستراتيجية الجديدة لا تقتصر على الترميم المعماري أو التجهيزات، بل تمتد لتشمل تطوير المحتوى، وتنمية الكوادر، وتفعيل دور القصر كمركز للإبداع، والتنوير، والمشاركة المجتمعية.
من مبنى صامت إلى بيت حياة
المبادرة تركز على تحويل قصور الثقافة من مجرد أماكن للفعاليات الموسمية إلى كيانات نابضة بالحياة، تستقبل الجمهور طوال العام بأنشطة متنوعة تشمل المسرح، الموسيقى، الفنون التشكيلية، الورش الحرفية، والتدريب المهني والثقافي.
وتتضمن الخطة إعادة توزيع البرامج الثقافية بما يتناسب مع طبيعة كل منطقة، والتركيز على الهوية المحلية، وإشراك المبدعين الشباب، وتقديم محتوى يعبر عن الواقع ويحفز على التغيير.
رقمنة وتكنولوجيا لخدمة الثقافة
واحدة من أبرز ملامح الاستراتيجية هي دمج التكنولوجيا في العمل الثقافي، من خلال تدشين منصات إلكترونية للبث المباشر للأنشطة، وتوثيقها، وتوفير مكتبات رقمية، مما يسمح لوصول الثقافة إلى أبعد نقطة في الجمهورية، خاصة في المناطق النائية.
دور الشباب والمجتمع
تؤمن الوزارة أن النهضة الثقافية لا تتحقق من الأعلى فقط، بل من القاعدة. لذلك، يتم العمل على تدريب جيل جديد من الكوادر الثقافية، وتشجيع التطوع في العمل الثقافي، وإشراك المجتمع المحلي في تصميم وتنفيذ الأنشطة.
التحديات حاضرة… لكن الأمل أقوى
رغم ما تواجهه الخطة من تحديات تتعلق بالتمويل، والبنية التحتية، ونقص الكفاءات، إلا أن الإصرار على إحياء دور قصور الثقافة يبعث برسالة واضحة: الثقافة ليست رفاهية، بل ضرورة.
إن استراتيجية تطوير قصور الثقافة هي خطوة جادة نحو بناء مجتمع أكثر وعيًا، وانفتاحًا، وتنوعًا. هي استثمار في الإنسان، وفي قدرة الفن والمعرفة على صناعة الأمل.