• 16 أبريل، 2025

رئيس التحرير

ناجي وليم

“عيد القيامة.. اختبار حقيقي لمدنية الدولة وحقوق المواطنة”

“عيد القيامة.. اختبار حقيقي لمدنية الدولة وحقوق المواطنة”

 

كتبت : يوستينا ألفي 

في الوقت الذي نطمح فيه جميعًا لبناء دولة حديثة قائمة على أسس المواطنة والعدل والمساواة، نجد أنفسنا أمام مشهد يعيدنا خطوات للوراء، بعدما أثار قرار رئيس الوزراء بعدم اعتبار “عيد القيامة المجيد” إجازة رسمية عامة، جدلًا واسعًا بين أبناء الشعب المصري، مسيحيين ومسلمين على حد سواء.

 

فبعيدًا عن التأويلات العقائدية، فإن الحديث هنا ليس عن إيمان أو عقيدة، بل عن اعتراف بمبدأ بسيط وأصيل: لكل مواطن كامل الحق في أن يشعر أن وطنه يراه ويحتفي بأعياده، تمامًا كما يشارك هو في كل احتفالات الوطن.

 

ولمن لا يعلم، فـ”عيد القيامة” كان بالفعل إجازة رسمية للدولة حتى عام 1953، وهناك وثيقة رسمية تثبت ذلك، مما يطرح تساؤلًا منطقيًا: لماذا التراجع عن العمل بها في الوقت الذي نتحدث فيه عن “الجمهورية الجديدة” و”مواطنة لا تمييز فيها”؟

 

لقد نص الدستور المصري بوضوح في مادته الـ53 على أن “المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين…”، فهل يُعقل أن تُقرّ كل أعياد المسلمين كإجازات رسمية عامة، بينما يتم تجاهل أعياد المسيحيين، ثاني أكبر طائفة دينية في البلاد، والذين يشكلون قرابة 20% من السكان؟

 

أكثر من ذلك، فإن المسيحيين لا يطلبون أكثر من أبسط حقوقهم، فهم ليسوا بحاجة لإجبار الدولة على الاعتراف اللاهوتي بمناسبة تخصهم، بل فقط أن تُحترم مشاعرهم، وتُراعى احتفالاتهم كما يُراعى الجميع. وإن كانت ظروف الدراسة والامتحانات هي العائق، فليكن التعامل مع ذلك على مستوى المدارس والجامعات، دون تجاهل المناسبة نفسها كعيد وطني لملايين المصريين.

 

ولا ننسى هنا موقف قداسة البابا شنودة الثالث، حين رفض في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك أن يتم فرض إجازة لعيد القيامة على جميع المواطنين احترامًا للاختلاف العقائدي، لكنه لم يمنع أبدًا من اعتبار المناسبة إجازة رسمية للأقباط، وهو ما تم تغييره لاحقًا دون توضيح أو سند دستوري.

 

إن ما يحدث الآن ليس فقط قرارًا إداريًا، بل رسالة رمزية تمسّ وحدة الوطن. فإما أن نكون حقًا في دولة مدنية تكفل الحقوق للجميع، أو نواصل تجاهل مطالب عادلة تُضعف نسيج التعايش المشترك وتُغذي مشاعر التهميش.

 

عيد القيامة ليس فقط عيدًا دينيًا، بل فرصة لتعزيز التلاقي والمشاركة بين المواطنين، وهو ما يجب أن يُدركه كل مسؤول، وعلى رأسهم رئيس الوزراء، الذي نأمل من رئيس الجمهورية أن يُراجع قراراته ويصحح المسار، إيمانًا منه بأن الوطن لا يُبنى إلا بعدل شامل ومساواة حقيقية.

 

 

 

المقال السابق

من النخوة إلى الفوضى.. من يحاسب من يعبث بالهوية المصرية؟!”

المقال التالي

استقبال يليق بمقام الكبار: السيسي في الكويت لتعزيز وحدة الصف الخليجي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *