عبيد الشاشات.. حين تتحول الهواتف إلى سجون رقمية
لم نعد نعيش حياتنا كما كنا، بل أصبحنا نعيش خلف شاشات. هواتف في أيدينا، حواسيب أمامنا، وتلفزيونات لا تنطفئ… حتى وجوه من نحب لم نعد نراها بوضوح. نحن أمام ظاهرة اجتماعية متفاقمة يمكن وصفها بجملة صادمة ودقيقة: “بقينا عبيد الشاشات”.
تشير دراسات حديثة إلى أن المصريين يقضون في المتوسط أكثر من 8 ساعات يوميًا أمام الشاشات، سواء عبر الهواتف المحمولة، أو الأجهزة اللوحية، أو التلفاز. وتزداد النسبة بين المراهقين لتصل أحيانًا إلى 10 ساعات يوميًا، ما يترك أثرًا مباشرًا على الصحة النفسية والجسدية، والعلاقات الاجتماعية.
يقول د. خالد عاطف، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس:
“نحن أمام تحول حاد في نمط الحياة. العلاقات أصبحت افتراضية، والمشاعر تُرسل عبر رموز تعبيرية، أما الوقت فيُسرق دون أن نشعر، وكأن الشاشات التهمت وعينا.”
وتربط تقارير منظمة الصحة العالمية بين الإفراط في استخدام الشاشات وبين زيادة نسب القلق والاكتئاب واضطرابات النوم، خاصة بين الأطفال والشباب. كما بدأت تظهر أعراض جسدية مثل آلام الرقبة، وإجهاد العين، واضطرابات في الانتباه والتركيز.
من جانبها، أطلقت وزارة الصحة حملات توعية مؤخرًا للتحذير من الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، مطالبة الأسر بضرورة تخصيص “وقت خالٍ من الشاشات” يوميًا، وخلق بدائل واقعية للترفيه والاهتمام بالتفاعل الحقيقي داخل الأسرة.
لكن يبقى التحدي الأكبر هو أننا لم نعد نتحكم في الشاشات، بل هي من تتحكم فينا: توقظنا صباحًا، وتسهر معنا ليلًا، وتسرق الوقت والمشاعر والانتباه. فهل ما زال بالإمكان استعادة حياتنا؟ أم أن العودة أصبحت حلمًا في زمن الإدمان الرقمي؟