تحول الدعم النقدي.. هل يدفع المواطن ثمن الإصلاح الاقتصادي؟
تشهد مصر في الآونة الأخيرة نقاشات مكثفة حول قرار الحكومة بتحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي مشروط، وهي خطوة تهدف إلى تحسين كفاءة منظومة الدعم وتقليل إهدار الموارد. لكن هذه الخطوة أثارت مخاوف ملايين المواطنين، خاصة بعد تسريبات تشير إلى أن سعر رغيف العيش المدعوم قد يرتفع من 20 قرشًا إلى 1.5 جنيه.
منظومة الدعم.. لماذا التحول الآن؟
تعتمد مصر منذ عقود على نظام الدعم العيني لتوفير السلع الأساسية بأسعار مدعومة للمواطنين، وعلى رأسها رغيف العيش. لكن مع تزايد الأزمات الاقتصادية، وتكاليف استيراد القمح عالميًا، أصبح العبء على الموازنة العامة ضخمًا.
الحكومة ترى أن التحول للدعم النقدي سيضمن وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين، وسيقضي على مشكلات التهريب وسوء الإدارة التي طالما عانت منها منظومة الدعم العيني.
رغيف العيش.. رمز الأمن الغذائي
رغيف العيش يمثل أكثر من مجرد طعام للمصريين، فهو عنصر أساسي في الحياة اليومية ورمز للأمن الغذائي. رفع سعره إلى 1.5 جنيه سيشكل عبئًا كبيرًا على الأسر، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض القوة الشرائية للجنيه.
المواطنون يعبرون عن مخاوفهم من أن قيمة الدعم النقدي المقدم لن تكفي لتغطية الفارق بين السعر القديم والجديد. فالمواطن البسيط الذي يعتمد على رغيف العيش كوجبة أساسية يومية قد يجد نفسه مضطرًا لتقليل استهلاكه أو البحث عن بدائل أقل جودة.
تحديات أمام الحكومة
التضخم: ارتفاع سعر رغيف العيش قد يؤدي إلى موجة تضخم جديدة في أسعار السلع والخدمات الأخرى.
البطالة: الأسر الفقيرة التي تعتمد على العمل اليومي ستتأثر بشكل أكبر بارتفاع أسعار الغذاء.
العدالة الاجتماعية: كيف ستضمن الحكومة أن الدعم النقدي يصل لمستحقيه دون تسرب؟
ما الحل؟
بينما تسعى الحكومة لتحقيق الإصلاح الاقتصادي، فإن التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين تحقيق التنمية وحماية الفئات الأكثر احتياجًا. يتطلب هذا:
زيادة شفافية البرنامج: على الحكومة أن توضح للمواطنين آليات التحول وآثاره المتوقعة.
زيادة الدعم النقدي تدريجيًا: لتغطية ارتفاع الأسعار بشكل عادل
تحسين الرقابة: لضمان عدم استغلال التجار والموردين للقرار لرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه
تحول الدعم النقدي قد يكون خطوة ضرورية في طريق الإصلاح الاقتصادي، لكنه يحتاج إلى دراسة دقيقة وإجراءات موازية تحمي الفئات الفقيرة من آثار الارتفاعات المفاجئة في الأسعار. المواطن البسيط يستحق أن يكون جزءًا من معادلة الإصلاح، وليس ضحيته.