نرفض الدعوات التحريضية بعدم تهنئة الأقباط بأعيادهم
تنشط في مثل هذا الأيام من كل عام بعض الدعوات من قبل المتشددين للمطالبة بتحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم وفِي بعض الأحيان تكفيرهم، لكن طبيعة الشعب المصري الأصيل يرفض مثل هذه الفتاوي الشاذة والدعاوى التكفيرية الدخيلة علي تقاليد وقيم مجتمعنا وفِي كل عام يبرهن المصريين علي ترابطهم وتماسكهم وأنهم نسيج واحد وصمام أمام لهذا الوطن الحبيب.
ويتبارى المصريون في تقديم التهاني لبعضهم البعض في مشاهد تصيب هؤلاء المتشددين بالصدمة ولكنهم لا يتعملوا من دورس الماضي لذلك يجب ردعهم وفقاً للقانون وذلك لأن من آمن العقاب أساء الأدب.
فنحن لسنا ضد إصدار الفتوي وفق الإجراءات والضوابط المقررة قانونياً.
اما ما يدَّعيه هؤلاء المتشددين، وغير المصرح لهم بالفتوي من دعاوي تحريضية تمثل جرائم استغلال الدين للترويج لأفكار غير صحيحة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والطوائف المنتمية له ، والإضرار بالوحدة الوطنية وتعكير السلم والأمن العام.
في تقديري أن ما يقترفه هؤلاء المتشددين يعد جريمة ازدراء أديان مكتملة الأركان وهذا ثابت من خلال تصريحاتهم والتعدي بالقول وبطريق العلانية علي الدين المسيحي.
ويستفاد ذلك من نص المادة ( 98 و) من قانون العقوبات تنص علي “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية”.
والقانون يعرف جريمة ازدراء الأديان بأنها احتقار الدين، أو أحد رموزه، أو مبادئه الثابتة، أو نقده أو السخرية منه بأي شكل من الأشكال، أو إساءة معاملة معتنقيه، لأن مثل هذه السلوكيات هي التي تثير الفتن، ومن هنا، فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعد ازدراء له، وأن الازدراء أو التجديف هو عدم إظهار تقدير أو احترام تجاه شخصيات مقدسة في الديانات الإبراهيمية، أو الأعتداء علي قدسية الاعتقاد الديني والإساءة للدين ، ومهاجمة العقيدة ، والذي يعبر عنه بالتطرف الديني، إما باحتقاره، وإهانة الدين، أو التشدد المخل، وهي الصورة الأكثر انتشارا.
أن حرية الإعتقاد والرأي مكفولة بمقتضى الدستور، إلا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه،.. فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد وإنما تضع مرتكب تلك الجرائم تحت طائلة القانون.
لذلك يجب أن يكون هناك توازن دقيق بين الحق في حرية الرأي و التعبير وحق الآخرين في حماية مشاعرهم الدينية ، واحترام مقدساتهم وأن الأستهزاء بعقائد الآخرين والطعن في الذّات الآلهية لا يدخل ضمن الحرية الشخصية .
نأمل أن يتعايش الجميع في سلام وبحرية ومساواة رغم الاختلاف لان في التنوع ثراء وليس تهديد.
لدينا حلم ولدينا أمل .. وهذا هو الإيمان بأننا سنكون قادرين على شق جبل اليأس والتعصب بصخرة الأمل. وسنكون قادرين على تحويل أصوات الفتنة إلى لحن جميل من المحبة والإخاء. وسنكون قادرين على العمل معاً والكفاح معاً من أجل حياة أفضل لنا ولمجتمعنا وللعالم بأسره.
وبناء عليه فأنني أناشد السيد الأستاذ المستشار النائب العام بصفته صاحب الاختصاص الأصيل في تحريك الدعوي الجنائية ضد أي شخص يحضّ علي الكراهية والتمييز بين المصريين أو ازدراء الديانات الإبراهيمية حيث تتولى النيابة العامة سلطتي التحقيق والاتهام وإحالة المتهم إلى المحكمة المختصة إذا ما ثبت تورطه في الجريمة.
كما نناشد مجلس النواب الموقر : انشاء مفوضية عدم التمييز المنصوص عليها في المادة ٥٣ من الدستور الحالي.
ونطالب اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم ٦٠٢ لسنة ٢٠١٨م مواجهة مثل هذه الدعاوي التحريضية التي تنال من سلامة واستقرار الوطن لمنع حدوث حالة من الاحتقان تضر بالمجتمع ومواجهتها وقفاً للقانون بكل حزم للمحافظة علي الوحدة الوطنية وسلامة وأمن البلاد.
هانى صبرى. المحامى