#أحمد_الشهاوي يكتب عن سلطان الحب
الحُب ليس مُجاملةً بين اثنين ، وليس اعترافًا بجميلٍ أدَّاه ، أو معرُوفٌ صنعهُ طرفٌ إلى طرفه الآخر ، إنه أعلى وأسمى بكثيرٍ من كل ذلك ، ومن أي تصوُّرٍ بشريٍّ حسِّي أو مادي ؛ لأن ( كل جسدٍ لا ينتجُ هِمَّة فعَّالةً لا يُعوَّل عليه ) كما يقول ابن عربي ، والجسد في حال الاستغلال والابتذال يكون في مقام الموت ، لا يقدر على الفعل ، وكل فعل يصدر عنه ، هو فعل محذوف ومجزوم وناقص ، ولا يمكن تقديره وليس له محل من الإعراب .
عمرها قصير
والمُحب – في حالٍ كهذه – يقترف إثمًا لا غفرانَ فيه ، ولا توبة ، إذا ما ذهب إلى امرأةٍ ؛ كي يستغلها لبعض الوقت : كسب جسدي ، أو كسب مادي ، أو حتى كسب كتابة قصيدة أو رواية أو أي نص آخر ، إذ يستخدم المرأة جسرًا مؤقتًا ؛ ويعتبرها مغامرةً مُحدَّدة الوقت ، ومحسوبة بالقلم والورقة ، ليعبُرَ عليه نحو الكتابة ، وكتابة كهذه ، هي في ظنِّي ناقصةٌ ، وناشفةٌ لا ماء في نسغها ، ومبتورةٌ ، ولا لزوم لها ، وعمرها قصيرٌ ، ولا تُغْنِي رُوحًا ، ولا تُسْمِن قلبًا عند التلقِّي والقراءة ، كتابة كهذه هي من النوع القيصري المُبتذَل المُتكلَّف والمصنُوع ، لأن النفس التي تهيج كي تكتب هي نفسٌ معطُوبةٌ وعاطلة عن المنح بل عن العمل بالكليَّة ، وصاحبها مبطُوح الرأس ، ينتحلُ الحُبَّ ، مثلما ينتحل شعره ولا شعُوره ، فالمرأة ليست بطَّةً أو أوزةً ضالةً في الأزقَّة أو الشَّوارع كي نصطادها ، لندَّعي الإلهام والفن بشتَّى أنواعه أو أجناسه ، وكما قيل قديمًا على لسان ابن عربي : ( كل ذهابٍ لا يُفنِيكَ عنكَ لا يعول عليه ) .
المرأة ربة
لابد أن نكرِّس لمفهوم أنَّ المرأةَ ربَّة ، وحُبها عبادةٌ لها فروضٌ وطقوسٌ ومناسك تُؤدَّى . وبالتالي الحُب ليس تابوتًا مقدَّسًا نُكفِّن فيه مشاعرنا المزيَّفة أو المحسُوبة سلفًا ، والمقصود بها المُتعة المؤقتة المشرُوطة .
زمن الخوارق
وإذا كانت الناس تؤمن بأن الفردَ يغتذي بالماء والغذاء ، فمثلي يؤمن أن الإنسان يغتذي وينمُو ويسمُق بالحُب ، وهو عندي أتمُّ وأكملُ غذاء ، يجُبُّ كل الأطعمة والأشربة ، وهو غذاء إلهيٌّ مقدسٌ لايمكن العثور عليه في المتاجر والحوانيت والأسواق أو الصيدليات ، ولا يمكن لطبيبٍ أن يصفه إذا ما لجأت إليه . فإذا كنا نؤمن بأن زمن الكرامات والخوارق قد ولَّى ، فأنا أقول بيقينٍ كاملٍ إن الكرامات تحدث ، والخوارق تقع بقوَّة العشق التي هي عالية ، وذات نار لا يمكن قياس درجاتها ، من فرط لا نهائيتها وفيضها كنار بركانٍ فوق جزيرة ، أو قمة جبلٍ يشهده الناس جميعا . وبالعشق يكونُ الاستحواذ ، وسريان سُلطة المحبة ، وسلطان المعرفة القلبية المتولِّدة عن العشق .