• 2 مايو، 2024

رئيس التحرير

ناجي وليم

سناء جميل …. نفيسه

سناء جميل …. نفيسه

كتبت زيزيت فؤاد

لو لم تقدم ( سناء جميل ) دوراً غير ( نفيسه ) للأديب ( نجيب محفوظ ) في فيلم ( بدايه ونهايه ) لمخرج الواقعيه الرائد ( صلاح أبو سيف ) لكفاها لكي يتم وضعها في تاريخ السينما .
( نفيسه ) تلك الفتاه البائسه متواضعه الجمال فقيره المال التي تبحث عن الحب والزواج والستر ( كما يقولون ) وقد تقدم بها العمر قليلا .. تنخدع بمن أحبته وسلمت له اعز ماتملك .. بعدها خان العهد وفر هارباً. .تنقلب حياتها رأسا على عقب و تنجرف نحو الهاويه وتبيع نفسها لمن يدفع بدون تمييز وتجري لاهثه للمتعه في محاوله لإرضاء أنوثتها مقابل قروش زهيدة و حب رخيص .
شخصيه ( نفيسه ) بلا شك صادمه و كاشفه لقاع المجتمع ..هذا المجتمع الذي لم يعطها شيئا كي يزايد عليها .. لم يكتفي بذلك بل أمسك بها ولم يرحمها ونهشها مثلما نهشه الغرباء بدون رحمه .
لم تكن في البدء ( منحله الأخلاق ) وانما دفعتها الظروف و الخسه من البشر كي تصبح ( فتاه ليل ) و تلقي حتفها غارقه في قاع النيل شاكيه لله ما مرت به وما ألم بها من تعاسه في الدنيا..
يقول الأديب العالمي ( نجيب محفوظ ) عن دور ( نفيسه ) : للحق والشهاده لقد أعادت سناء جميل خلق هذه الشخصية كأحسن مايكون سواء في حياتها اليوميه البسيطه وعلاقاتها مع أمها و أخواتها…. و مشهد النهايه وقد بلغت قمه الأداء الفني وهي تساق إلي الموت … كانت أكثر من عظيمه.. كلما شاهدت الفيلم في التليفزيون يستوقفني دائما أداء ( سناء جميل ) ..و أتساءل كيف عكست تلك العواطف كأنها حقيقية ..بصراحه ( سناء جميل ) .. خارقة.
أما ( فريد شوقي ) فيقول ( في البدايه عارضت ترشيح سناء جميل للدور .. بنت حديثه التخرج من معهد التمثيل وليس لها تجارب سينمائية و الدور تقيل قوي.. لكن بعد عرض الفيلم .. تعالي قولي مين ممكن يعمل الدور ده غير ( سناء جميل ) .
تغزلت ( أمينه رزق ) أيضا في أداء سناء جميل لدور ( نفيسه ) وقالت ( بصراحه ..انا زي الناس ماهي بتقول عليا تاريخ في السينما عايزه أقول أنا لم أري ممثله عملت معايشه تامه للشخصيه من حيث الاحساس والكلام حتي المكياج زي ما السيده ( سناء جميل ) عملت في ( بدايه ونهايه )

ويقول مخرج الفيلم ( صلاح أبو سيف ) أثناء حديثه مع المذيع الراحل ( عبد الرحمن علي ) : لقد أبهرت ( سناء جميل ) كل من رأي الفيلم سواء هنا او بالخارج. وكادت أن تحصل علي جائزة أفضل ممثلة في مهرجان موسكو السينمائي بعدما ظل الجمهور يصفق كثيراً بعد نهايه الفيلم ويصيح ( نفيشا… نفيشا ) .
وفي العرض الخاص للفيلم في ( القاهره ) والذي حضره أبطال الفيلم حضرت السيده ( فاتن حمامة ) بصحبه زوجها ( عمر الشريف ) وبعد انتهاء الفيلم التفتت الي ( صلاح أبو سيف ) وقالت له ضاحكه ( الدور حلو قوي .. مش عارفه اقولك ايه… انا أسفه ) ويرجع آسف السيده ( فاتن حمامه ) لمخرج الفيلم إلي اعتذارها عن تقديم شخصيه ( نفيسه ) بالرغم من أنها كانت المرشحه الأولي للدور وعبثا حاول ( صلاح أبو سيف ) و ( عمر الشريف ) إقناعها ولكن رفضت فكره أداء دور ( عاهره ) التي تعاشر الرجال لحاجتها للمال طبقا لقناعاتها الشخصيه ..
سناء جميل حاله خاصه ونوعيته مختلفه من الممثلات التي تمزج بين الثقافة والبساطه والتعبير الجامح سواء بالوجه أو الصوت .
عاشت الراحله ( سناء جميل ) طوال حياتها وهي عاشقه للفن تعتبر نفسها دائما هاويه …لم نري لها دوراً تافها أو هامشيا حتي في أحلك الظروف ونتذكر جميعاً ماسمي حينها ( افلام المقاولات ) توقفت تماماً ولم تتورط في أي عمل تحت حجه لقمه العيش أو شماعه التواجد حتي لاينساني الجمهور كما يفعل الآخرون .
ذهبت إلي ( التليفزيون ) باختيارها وهناك وجدت ضالتها وقدمت مسلسلات مازالت عالقه في الوجدان ( الانسه ) و (عصفور في القفص ) و ( عيون ) و ( الرايا البيضا ) وغيرها .
يبقي أن الراحله ( سناء جميل ) لديها أربعه افلام ضمن أفضل مائه فيلم للسينما المصرية وهم ( زينب ) و (بدايه ونهايه ) و (الزوجه الثانيه ) و ( المستحيل ).

تزوجت الفقيده ( سناء جميل ) من الكاتب الصحفي الكبير دمث الخلق ( لويس جريس ) وقد عوضها الله فقد كان لها بمثابه الأب والزوج والعائله التي حرمت منها ..وعن هذه العلاقه تقول : أسعد لحظه في حياتي لما بشوف ( لويس ) بيضحك ..وكانت لما توعد شخصاً بأمر ما تقول له ( وحياه لويس ) .

وتبقي في الحلق غصه ….( سناء جميل ) هذه الفنانة القديره الملتزمه التي قدمت أدوارا تفخر بها أي عائله تنتمي إليها ..بلا اسفاف أو إغراء أو تعري لم تقابل إلا قلوب متحجره لاتعرف الرحمه ولاتقيم للفن الهادف قيمه ولاوزن …فقد قاطعها أهلها طوال حياتها ولم يكتفوا بذلك بل إنهم لم يحضروا جنازتها في موقف مخزي ..
أوصت ( سناء جميل ) رحمها الله زوجها ( لويس ) ألا يقوم بدفنها إلا بحضور أحد من عائلتها وبالفعل عندما ماتت نشر إعلان الوفاه بجريده الاهرام باللغه العربيه والانجليزيه إذ ربما يكون أحد منهم قد هاجر ..وانتظر .. ثلاثة أيام ..وبعد فقدان الأمل ..قام ( لويس جريس ) بدفن حبيبته وقد اغرورقت عيناه بالدموع قائلا ( معلش يا سناء …ماقدرتش أنفذ وصيتك ) …..
سناء جميل …. واحده من ملكات القلوب و الألقاب .. سيتوقف التاريخ السينمائي كثيرا عندها عندما يتحدث عن فن التقمص و التشخيص .
سناء جميل ….قطعه غاليه من قلب مصر

المقال السابق

مبادرة المصريين في الخارج لمواجهة التحديات

المقال التالي

الأهلي يرفض بيع مدافعه لنادي قطري ويرد على العرض.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *